ليس التصعيد الذي ينتهجه رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون بالعابر هذه الأيام، فمن ينظر الى المشهد السياسي يستغرب لماذا يرفع السقف عاليا بهذا الشكل رغم أنه مدرك تماماً أن التمديد لقائد الجيش ​جان قهوجي​ حاصل، ولماذا "هذه المعركة التصعيدية في هذا الظرف بالذات"؟

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إنضاج الطبخة الرئاسية التي ستؤدي الى انتخاب رئيس هذا الصيف، ولكن كلّ الآمال المعقودة باءت بالفشل فسنة بعد سنة تمر والفراغ سيّد الموقف. إلا أن الحال إختلف قبل مدّة من الوقت، ففي حين كان عون يعدّ العدّة للتوجّه الى بعبدا وصلت الى مسامعه أصداء لقاء رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ برئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ والذي تمحور حول رئاسة الجمهورية. وقد أشارت مصادر مطلعة عبر "النشرة" إلى أن "الحريري شدد أمام جعجع على ضرورة إيجاد حل لأزمة الرئاسة، فما كان من الاخير إلا أن أشار الى امكانية التنازل عن ترشيح عون رئاسيا إذا ما تخلى الحريري عن التمسّك برئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية للرئاسة، فتم الاتّفاق على إسقاط ورقة الرجلين وطرح قائد الجيش العماد جان قهوجي رئيساً"، لافتةً الى أن "أصداء هذا الاتفاق أثار ريبة عون خصوصاً وأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري سيوافق فورا على السير بهذا الطرح لا بل هو من يريده".

ولكن ورغم ذلك لم تنضج طبخة وصول قهوجي الى الرئاسة في تلك الجلسة، لأنّ جعجع وضع وبحسب المصادر "شرطاً أساسياً للسير بهذه المعادلة وتكمن في "تخلي "حزب الله" عن ترشيحه للعماد عون حتى لا يكون محرجاً من المسألة، وحتى لا يقال إن المسيحيين تخلّوا عن العماد عون". لكن العقدة البارزة تكمن بمن يقنع الحزب بسحب ترشيحه للعماد عون ليتحرّر جعجع من وعده للأخير والسير بقهوجي للرئاسة. إلا أن هذا الطرح يبدو مستبعدًا إذا لم يكن مستحيلا بحسب المصادر، التي تؤكد أن "حزب الله" يسعى الى التسوية في المنطقة وقد بدأنا بها ومصلحته تقضي التمسّك بترشيح العماد عون رئيساً حتى النهاية، إلا إذا تغيّرت كل المعطيات الدولية وبشكل جذري".

وتضيف المصادر أن كل هذه المعطيات دفعت بالعماد عون لإنتهاج المسار التصعيدي الّذي بدأه من مقاطعة الحكومة لسببين:

- الاول يكمن في إحراق ورقة قهوجي كرئيس بديل عنه وإضعاف تمثيله.

- الثاني يكمن بالضغط على تيار "المستقبل" لاعادته الى التفاوض في الملف الرئاسي وإبعاده عن الضغط في السير نحو إنتخاب قهوجي.

في المحصلة، حددّ عون هدفه في التصعيد وهو لا يصوّب سهامه على قهوجي لإبعاده عن قيادة الجيش بقدر ما هو لعدم التفكير به كرئيس محتمل للجمهوريّة، وبعض الساسة يعوّل على صدام الجنرالين للتضيق على عون المصرّ على تعيين قائد جديد للجيش أو رفع الغطاء المسيحي عنه وقطع الطريق أمام أي تسوية رئاسية قد توصله في النهاية الى قصر بعبدا!