«كل ابن آدم خَطَّاء وخير الخطائين التوابون» (اخرجه الترمزي عن انس بن مالك) بهذه العبارة انهى إمام مسجد التقوى الشيخ اسامة عنتر حديثه اثر خروجه الى الحرية بعدما امضى محكومتيه في سجن رومية بتهمتين الاولى وهي الملف الاساس تزكية وتجنيد شبان للقتال في سوريا والثانية التي نال فيها البراءة من تهمة المشاركة في احداث طرابلس.

الشيخ اسامة عنتر الذي «بق البحصة» داخل قاعة المحكمة العسكرية الدائمة في ما يتعلق بما نسب اليه، واعلن توبته وبالاحرى مكامن الاخطاء التي ارتكبها، الامر الذي كان وقعه مؤثراً داخل قاعة المحكمة، ودفع برئيسها العميد الركن الطيار خليل ابراهيم الى التمني ان ينسحب ما ادلى به الشيخ عنتر على الجميع.

«ابو ابراهيم» الذي اوقف في 14/11/2014 في محلة ابي سمراء سلبت عقله وقلبه الدراسات الاسلامية، حيث اكمل دراسته في الشريعة لحين حصوله على اجازة فيها، وعلى اثرها دخل «دار الفتوى» رغبة في تعليم الشريعة وامامة المساجد او الانضمام الى المحاكم الشرعية وبين عامي 2006 و2007 كانت البداية مع تشييد مسجد التقوى وعين آنذاك اماماً له ومن المتعارف عليه ان المسجد يمكن ان يكون له امامان او ثلاثة وليس هناك درجات من حيث المسؤولية، كما ان للمسجد امام وخطيب في آن، وهو كان اماماً مكلفاً من «دار الفتوى» وهو الثاني من بعد الشيخ سالم الرافعي الذي كان مكلفاً بالخطابة من دار الفتوى. وقبل الولوج الى رواية الشيخ اسامة عنتر لقصته مع الثورة السورية وما نسب اليه لناحية ارسال الشباب الطرابلسي للقتال في سوريا عبر التزكية لدى الفصائل السورية بداية لحين ظهور «داعش» و«النصرة» توجه برسالة شرح فيها تجربته في السجن وما استخلصه من عبر خلال سنتين وبالطبع كانت له وقفة لناحية المحاكمات التي تجري في المحكمة العسكرية ومصداقيتها وعدالة رئيسها. وبالطبع لدار الافتاء التي سيعود الى حضن دارها. وهذا بعض ما جاء في الرسالة التي وجهها:

رسالة الشيخ اسامة

الحقيقة ان كلاً منا يمر في حياته في كثير من التجارب والظروف التي يجب الاستفادة منها في وضوح الروية في كثير من الأمور في حياته.

لقد كان السجن بالنسبة لي رغم مرارته خلوة وفرصة تقربت فيها الى الله تعالى من خلال القرآن الكريم والكتب العلمية التي زادتني علما وفهما لدين الله ولكثير من الأمور في الحياة التي كانت غائبة عني.

وقد تقدم الشيخ في رسالته بالشكر لادارة السجن في قسم فرع المعلومات الذين يستحقون مني كل تقدير واحترام على حسن المعاملة الطيبة، وبالطبع لرئيس المحكمة العسكرية العميد الركن الطيار خليل ابراهيم الذي يستحق مني كل تقدير واحترام فهو صاحب شخصية فذة احتوت نص القانون وروحه في آن واحد والمتميزة بفراسته في معرفة مصداقية المتهم من عدمها، وبثبوت مصداقية المتهم يعامله بروح القانون الذي وضع لأجله الا وهو صلاح المتهم، اما في حين عدم ثبوت مصداقية المتهم يعامله بنص القانون ومتنه، وبذلك تقع المسؤولية على المتهم الذي يخضع في المحكمة لامتحان المصداقية من عدمها لذلك فهو يحدد لنفسه نوع المعاملة التي يجب ان يعامل بها سواء بروح القانون او بنصه. وبهذه المناسبة ان شاء الله تعالى أكون عند حسن ظن رئيس المحكمة.

اما الذين تخلوا عن مسؤولياتهم وتجاهلوا ملفات اخوانهم الموقوفين ومنها ملفي والذي حاول بعضهم تشويه صورتي امام الرزي العام وتحميلي ما لم اتحمل مسؤوليته فأمرهم الى الله تعالى الذي يعطي كل ذي حق حقه ويعاقب المجرمين على ظلمهم، وانا من جهتي والحمد لله سليم القلب والصدر بوجود عدالة الله المطلقة.

اما بالنسبة لوجهاتي القادمة فأنا اعود الى حضن الام دار الافتاء التي أكن لها كل تقدير واحترام وعلى رأسها صاحب السماحة المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان حفظه الله ولجميع دوائر الاوقاف التابعة لها. وأنا اقترح على دائرة الافتاء مشروع انشاء لجنة علمائية تعنى بشؤون الشباب وتوعيتهم وحمايتهم من الافكار الدخيلة على الاسلام وسماحته وأنا أضع نفسي في خدمة دارالافتاء وتوجيهاتها في تحقيق هذا الهدف النبيل.

كما يجب احالة جميع شؤون المسلمين الى دار الافتاء دون غيرها حفاظا على المسلمين من التجاذبات السياسية والقرارات اللامسؤولة.

وفي الختام احمد الله تعالى واشكره على فضله ومنه الذي هيأ لي الكثير من المتعاطفين مع قضيتي في هذه المرحلة الحرجة التي مرت بي، شاكراً لهم تعاطفهم معي ووقوفهم بجانبي وداعياً الله تعالى ان يحفظهم من كل سوء».

في بداية الحديث عاد الشيخ عنتر بالذاكرة عند حصول الانفجار في مسجد التقوى الذي كان في داخله برفقة الشيخ سالم الرافعي، وهو كان يتنقل في عدة مساجد بينها مسجد الصحابة في باب الرمل، مع انطلاق الثورة السورية، تعاطف الجميع معها وبالطبع اهل طرابلس الذين عانوا الامرين من النظام السوري وهو امر رواه اجدادهم كونه ربما لم يولد بعد، لذا فان قيام الثورة السورية كان فرصة لمساعدة الشعب السوري الذي اعتبروه مظلوماً فكانت البداية في مساعدة الاشخاص الذين تهجروا من قراهم ومن ثم تطورت الامور الى الدعم المالي ولكن ليس عبره ولم يتدخل في الامر.

وبالعودة الى التغييرات التي حصلت لناحية الفصائل التي شاركت في القتال وكيف اصبحت عسكرية، يلفت الشيخ اسامة الى انها استمرت سلمية لمدة 6 او 7 اشهر ولم يكن لديهم تفسير عن سبب تحولها الى عسكرية، كون الامر يفوق قدرتنا بالمعرفة بحيث انطبع عليها القول «نمنا وفقنا» ولم نعلم ماذا حصل.

وتابع «ابو ابراهيم» : طالبنا الثوار بابقائها سلمية لاعطاء فرصة للنظام، لكن تمت معارضتهم ورفض اقتراحاتهم لافتين الى ان النظام مستمر في القتل وان المفاوضة معه ستكون بالسلاح، فما كان منهم الا ان تقبلوا الفكرة انطلاقاً من «سورة البقرة» «من اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين» وهذا الامر مشـروع كونه دفاعاً عن النفس.

واثر ذلك يضيف الشيخ اسامة ظهرت فصائل كثيرة من داخل سوريا ومن خارجها تحت عنوان «الدفاع عن اهل السنة داخل سوريا» وهذا الامر حصل على تأييد من كبار العلماء والشمايخ في العالم ولم يقتصر على الموجودين في سوريا ومحيطها، وعقدت مؤتمرات عدة تمت الدعوة فيها الى الجهاد المقدس في سوريا وبفتوى من كبار رجال الدين في العالم.

هذا الموضوع كان له وقعه لدى الشباب فكيف على مشايخ هم في حداثة السن، وافتي من كبار العلماء وحتى لو بحثنا لوجدنا انه خطأ، لا يمكن الا تأييده.