حين فجَّر وزير الداخلية نهاد المشنوق قنبلة اجراء الإنتخابات البلدية والاختيارية، لم يُصدق أحد هذه الجرأة وهذه المجازفة، واعتبروها لإلهاء الناس وإشغالهم في التحضير لاستحقاق لن يُنجز.

اقتربت المواعيد وسار وزير الداخلية في كل الآليات المطلوبة، وعندها استحقها المرشحون والناخبون على حدّ سواء، وبدأت الهرولة للترشح وللتحالفات ولتركيب اللوائح.

الاسبوع الفائت، فجّر وزير الداخلية قنبلته الثانية فأعلن ان اجراء الانتخابات النيابية المقبلة في موعدها، وان الوزارة تبني على انجاز الانتخابات البلدية والاختيارية في أيار الماضي من اجل اتمام العملية الانتخابية النيابية بأفضل الشروط بشكل يعزز حرية التعبير واحترام خيارات الناخبين ويدعم الديمقراطية في لبنان.

كالعادة، لم يصدق كثيرون ما سمعوا، اما الخبراء فيتابعون بدقة ما قاله الوزير الجريء، ويضعون كلامه على مشرحة التحليل والتقويم، انطلاقا من المعطيات الدستورية والقانونية التالية:

بحسب التمديد الثاني لمجلس النواب الحالي، فإن ولاية المجلس تنتهي في 20 حزيران 2017.

بموجب قانون الانتخابات المعمول به والذي صدر في العام 2008 والمعروف بقانون الدوحة، فإن الانتخابات تجري خلال الستين يوما التي تسبق انتهاء ولاية مجلس النواب، هذا يعني ان بالامكان اجراؤها بدءا من العشرين من نيسان المقبل، أي بعد أقل من سبعة اشهر.

وبموجب الدستور اللبناني في المادة 42 فإنه تجري الانتخابات العامة في خلال الستين يوما لانتهاء مدة النيابة، أي بدءا من نيسان.

بدء شهر رمضان المبارك عام 2017 يحل بدءا من مطلع حزيران المقبل، وحيث انه يصعب اجراء الانتخابات في رمضان، فإن ايار 2017، على أبعد تقدير سيكون شهر الانتخابات.

إذا، قبل ستة أشهر من أيار يدخل البلد في مدار الانتخابات النيابية، أي عمليا مطلع كانون الاول المقبل، أي بعد ثلاثة اشهر.

ولأن الوقت أصبح ضاغطا، فإن مجلس النواب مدعو الى الاجابة، وبسرعة، عن هذه الاسئلة الثلاثة:

وفق أي قانون ستجري الانتخابات النيابية؟ وفق القانون المعمول به منذ العام 2008 والذي جرت على اساسه انتخابات العام 2009؟

هل سيتمكن مجلس النواب من اجتراح قانون جديد في ما تبقى من وقت قصير؟ وهل ما عجز عن تحقيقه في ثمانية اعوام، أي في ولايتين انتخابيتين، سيستطيع القيام به في خلال ثلاثة أشهر؟

الأرجح، في ما يتوافر من أجوبة، ان المجلس، اما ان يمدد للمرة الثالثة، وإما ان تجري الانتخابات وفق قانون الدوحة. في هذه الحال، ما هو السيناريو المتوقع؟

ورد في المادة 69 من الدستور: تُعتبر الحكومة مستقيلة عند بدء ولاية مجلس النواب... اذا جرت الانتخابات وبدأ مجلس النواب ولايته الجديدة في 21 حزيران 2017، فلمن تُقدم الحكومة استقالتها في حال لم يكن هناك رئيس للجمهورية؟ ومن يجري الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد؟

جريء وزير الداخلية نهاد المشنوق في اعلان اجراء الانتخابات النيابية، ولكن في حال لم يتم انتخاب رئيس حتى ذلك التاريخ، فمن يجيب عن الاسئلة المستحيلة؟