تؤشر المعطيات المتوفرة عن عهد الرئيس السابق ​ميشال سليمان​ الى ان كل التفاهمات او حتى الاتفاقات التي حصلت بينه وحزب الله حول بعض النقاط، وبالتحديد معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، تنكّر لها بعد وصوله الى بعبدا.

هذا في الشق المتعلّق بالقوّة الشيعية، اما مسيحيًّا فلا مجال لتعداد ما فعله ميشال سليمان بالقوى المسيحية الفاعلة، وخصوصًا التيار الوطني الحر، والمردة، وغيرهما.

ولاحظت مصادر سياسية متابعة أنّ الفريق الشيعي تمكّن وبسبب تماسكه، من تخطّي انقلابات رئيس الجمهورية عليه، ولاسيّما السياسية، لأنه في الامور الإدارية والتعيينات في وظائف الفئة الاولى لم يفلح في شلِّ هذا الفريق، لدرجة ان هذه القوى نجحت في تعيين رئيس للجامعة اللبنانية هو نفسه الوزير الملك الذي عيّنه سليمان، والذي كان السبب الوحيد في تمكّن قوى 8 آذار من إسقاط حكومة ​سعد الحريري​، ناهيك عن تعيين رئيس ديوان المحاسبة وغيره من المواقع التي يشغلها الشيعة عرفا.

وتدلّ هذه المؤشّرات وبحسب المصادر نفسها ان الفريق المسلم استطاع ان يفرض ما يريد، بخلاف القوى المسيحيّة الكبرى وهي كتلة "التغيير والإصلاح"، بسبب عدم تماسك المسيحيين، واصرار ميشال سليمان على التنكيل بهم .

وتقول المصادر ان سليمان وفي لحظة من اللحظات، وعندما أقنعته جهات سياسية في 14 آذار أن النظام السوري على شفير الهاوية في بداية المعارك، تسلّح بهذه الفكرة وانقلب ايضا على دمشق التي كانت وراء اقناع العماد عون ومعها دول أخرى بانتخابه رئيسا للجمهورية.

وتشير المصادر، الى ان التيار الوطني الحر ومعه قلّة قليلة من المسيحيين بعد ان تم سلخ رئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية عن تكتل "التغيير والإصلاح"، يواجه نفس المشكلة، لكنه عازم وبإصرار، ومعه "حزب الله" على عدم تكرار غلطته المميتة بالموافقة على من "تَمَسْكَنَ فَتَمَكَّن".

ولكن، زيادة بالإمعان في مواجهة الكتلة المسيحيّة الوازنة، لجأ سليمان عند تشكيل آخر حكومة في عهده، وبعد ان أيقن أن عون وحزب الله كانا وراء عدم تجديد ولايته، الى الصلاحية التنفيذيّة شبه الوحيدة التي أعطاه إياها دستور الطائف وهي عدم توقيع تشكيل أي حكومة لن يكون له فيها ما يريد، وهكذا حصل على ثلاثة حقائب، وهو ما شكّل خطأ قاتلاً من قبل العونيين بالموافقة على اعطائه وزارة الدفاع، واسناد أهمّ وزارة وهي وزارة الاتصالات الى خصمهم اللدود.

ولاحظت المصادر اليوم كيف أنّ القوى الأخرى بمن فيها، حليف الحليف رئيس المجلس النيابي نبيه بري تناور وتتلطى خلف موقف السعودية الرافض لمجيء عون رئيسا للجمهورية، وتصر على الممارسة الديمقراطية، واحترام الدستور الذي تمّ خرقه عشرات المرات من قبلهم، ويطالبون القوى المقاطعة لجلسة الانتخاب بالنزول الى المجلس وانتخاب أيّ من المرشحين، مع علمهم الأكيد أنّ عون لن يفوز، وانه لن يقبل أن يكون رئيسا للبلاد دون موافقة مكوّن أساسي لبناني هو الطائفة السنيّة المتمثّلة حتى الان برئيس تيّار "المستقبل النائب سعد الحريري.

وتعتقد المصادر انه بعيدا عن كل هذه الاعذار، هناك سببان أساسيان يمنعان تيار المستقبل وبري من تأييد عون للرئاسة، ولكل منهما اسبابه.

وترى المصادر ان تيار المستقبل يخشى وصول رئيس يعتبر أن سيرته السياسية الذاتية معادية للطائفة السنيّة إضافة الى وضع الرياض الجنرال عون في خانة التمرد، الذي لا يمكن السيطرة عليه، ودليلها وقوفه وبشدّة ضد اتفاق الطائف.

اما خلاف بري مع عون فقد بدأ بانتخابات جزّين مرورا بموقف عون من التمديد للمجلس النيابي الذي يعتبره غير شرعي، وصولا الى ان رئيس تكتّل التغيير والاصلاح في حال انتخابه يمكن ان يكون اول رئيس للجمهورية يتسلّح بكتلة نيابية كبيرة من الصعب تخطّيها، وفرض ملفّات وأمور على رئيس بهذا الحجم التمثيلي، كما كان يحصل مع بقيّة الرؤساء، هذا اذا أردنا التغاضي عن الوشوشات في صفوف العونيين عن الفساد في الدولة والمسؤولين عنه.

وتخلص المصادر الى انه بأنتظار ما ستؤول اليه صيغة ربط النزاع مع حزب الله والتي قبل على أساسها تيار المستقبل الاشتراك معه في الحكومة، ونتيجة الحوار الدائر بينهما، فإنّ على ميشال عون كي يحفظ رأسه وألاّ يكون ضحية اي تفاهم إيراني-سعودي في حال حصوله والذي كما تؤكّد مصادر عدة انه سيكون مفتاح الحلّ في الانتخابات الرًئاسية، ألاّ يغيب عن أي تفصيل من تفاصيل تطور هذه الأحداث، وان يتسلح بتماسك مسيحي اكبر واقوى، علّه يحقق آماله في التغيير وفي الوصول الى قصر بعبدا.

وتلفت المصادر الى ان الأجواء المحيطة بزعماء القوى السياسية الكبرى، والاتهامات المتبادلة، كلها أمور تجعل الكلام عن حلول وعيش مشترك، نغمة إيقاعها في غير محله، خصوصا اذا استمر لبنان خارج الاولويات الدولية التي نجحت في الماضي-وقد تنجح راهناً في فرض رئيس مِطْواع.