لم ترد نورهان ان تحيا لترى نهار الثلاثاء في الثلاثين من آب، فاختارت انهاء حياتها و​الانتحار​ قبل انتصاف ليل أمس في التاسع والعشرين من الشهر الحالي. يقول البعض ان الاسباب تتعدد والموت واحد، وبعضهم يرى ان طريقة الموت تختلف، فليس كل موت هو موت، ففي موت الشهادة بداية، وفي موت الانتحار... نهاية.

استيقظ "شعب" وسائل التواصل العظيم على فاجعة رحيل ابنة العشرين عن وجه البسيطة. نورهان "الثورجية" والمشاركة في تظاهرات المجتمع المدني، انتحرت في ذكرى مرور عام على التظاهرة الأكبر للمجتمع المدني، ربما هي صدفة، وربما ليست كذلك. لا أحد يعلم سبب الانتحار، ولكن هذا لم يمنع من وقوع الانقسام، فهل الانتحار شجاعة كما وصفه البعض أم حماقة، كما اعتبرها البعض الآخر؟!

كتبت نور عز الدين في رثائها لصديقتها "لن يكون موتك سهلاً، انتحارك علامة فارقة، شجاعتك على مفارقة الحياة التي نتمسك بها جميعاً وكأنها مغارة كنوز، أنت وحدكِ تعلمين الآن إن كان التخلص من حملها جميل أم أكثر فجاعة". الى جانب نور أثنى كثيرون على هذه "الشجاعة"، فعبّر بلال بهاشتاغ احترم قرارها، وكتبت هيفاء: "لا اعلم اذا كان الانتحار شجاعة ام هروبًا، ولكن اعلم جيدا ان هذا العالم اصبح يخنقنا حتى الانتحار... شجاعة انت بسقطتك الاخيرة!". وعبرت هلا قسطة عن خسارتها بالقول: "نورهان البنت المناضلة، المبتسمة، الثورية فارقت الحياة باكراً يا رفيقتي".

وفي المقابل شعر البعض ان رثاء الشابة الجميلة فيه قليل من "تشجيع" على الانتحار، فبعض العبارات "جمّلت" هذا الفعل وجعلته "ثوريا" لا يستطيع الإقدام عليه سوى من تمرس في حقل "الشجاعة". فكتب علي مرتضى: "الانتحار هو بالدين والمنطق والاعراف محرّم ومكروه، هو عبارة عن جريمة قتل!" وأضاف: "أن يتم تبييض الانتحار والباس صاحبه لباس الشجاعة والقوة، أمر فيه خطر كبير علينا!" وتابع: "الله يرحم من أصبحوا ديار الحق... لكنّهم خسروا الدنيا والآخرة.. والانتحار هو خيار الضعيف والجبان". وسألت فاطمة فرحات: "الجرأة التي تدفع الشخص للانتحار، ألا تدفعه ليحلّ مشاكله؟" وأضافت: "لا تبرروا الخطأ بالخطأ". كذلك اورد محمد حركة ما يلي: "الانتحار فعل نفسي مريض جداً، ليس له علاقة بالبلد او الظروف المعشية! لأنه حسب ما أعلم، في لبنان سنوياً نسبة الانتحار لا تتعدى الـ20، في حين أنه في بلد جميعنا نحلم أن نكون فيه كالسويد ينتحر على الأقلّ 2500 شخص سنوياً".

ترفض الأديان السماوية فعل "الانتحار" وتضعه بخانة "القتل" وهذا امر يتفق عليه جميع من يؤمن، ولكن لماذا لا نحاول ان نجعل من رحيل نورهان رسالة، نصمت هنيهة، نحترم هيبة الموت ثم نتّعظ، نبحث عن أسباب فقدان أمل هذه الفتاة بالحياة، نسأل أنفسنا: هل إن فقدنا القدرة على مواجهة المشاكل التي نعانيها، ننتحر؟ هل هذه الرسالة التي نريد تشجيع الجميع عليها؟ من منا لا يصل الى فراشه ليلا ويكاد رأسه ينفجر من شدّة التفكير بالمشاكل والمسؤوليات؟ هل يصبح الانتحار حلا وشجاعة؟

لم تُعرف بعد أسباب انتحار نورهان، ولكن الأكيد انها رحلت الى خالقها وخسرها اهلها ومحبوها ومن عرفوها، أما نحن فبقينا هنا، نختلف حول فكرة الانتحار، هل هي شجاعة أم ضعف وانكسار!؟ فقط فكّروا قبل فوات الأوان.