لم تفرز الحوارات المتتالية بين "تيار المستقبل" و"حزب الله" والتي تعقد في عين التينة برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري، سوى اتفاقا واحدا سرعان ما تبدد، وهو ما أعلنه نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في وقت سابق من أنه تم الاتفاق على النزول الى المجلس النيابي وانتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في 7 آب الفائت قبل ان ينقلب تيار "المستقبل" على هذا الاتفاق، وكان لافتا الى انه حتى اليوم ورغم مرور أقل من شهر على صدور هذا التصريح، لم يبادر "المستقبل" الى نفيه او توضيحه.

واعتبرت مصادر نيابية ان الحوار بين السني-الشيعي، ليس محصورا كما يتردد، في الحفاظ على الاستقرار الأمني ومنع الفتنة، بل يتجاوز هذه النقطة، ليتطرق الى امور مصيريّة تهمّ جميع اللبنانيين وفي مقدّمها الانتخابات الرئاسية وقانون الانتخاب، والوضع الحكومي.

ولاحظت المصادر انه في الوقت الذي يستمر الحوار بين "حزب الله" وتيار "المستقبل" على نفس الوتيرة دون انقطاع، كان البعض يعتقد في مرحلة من المراحل وبسبب التراشق الإعلامي والتشنج بيت الكتلتين بسبب سوء العلاقات بين السعودية وطهران، أن لا احد من خارج هذه القوى وبالتحديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري، او غيره من القيادات السياسية الفاعلة، يسعى الى ترتيب حوار ثنائي بين ممثلين عن التيار "الوطني الحر" و"المستقبل"، حيث ان التباعد بين الإثنين يكاد يؤدي الى أزمة طائفية ربما تعيد لبنان الى المناخات التي كانت سائدة ما قبل الحرب اللبنانيّة.

وقالت هذه المصادر رغم ان الحوار بين "المستقبل" و"حزب الله"، وهو عمليا حوار سني-شيعي، لا يستطيع تعطيل ما يمكن ان تقرّره كل من المملكة العربية السعودية وطهران، سواء في اتجاه تسوية الخلافات، او تصعيدها لدرجة الإنزلاق نحو الاقتتال بالوكالة على الساحة العربية المفتوحة من اليمن حتى فلسطين، بينما أيّ حوار مع المكوّن المسيحي الذي يحظى بتمثيل وازن في طائفته، وهو في هذه الحال التيار "الوطني الحر"، يمكن ان يؤدي الى تفاهم حول عدد من الأمور الداخلية وفي مقدمها الانتخابات الرئاسية، إذا كان الفريق المسلم يحرص بالفعل على لبننة الأزمة تمهيدا لإيجاد حلول لها.

وتساءلت المصادر عن الأسباب التي أدّت بزعماء الكتل النيابيّة الى عدم التجاوب مع مساعي عدد من السفراء الأجانب للجلوس حول طاولة حوار يحضرها بعض ممّن هم تكون دولهم معنية بالأزمة السياسية وبالفراغ الرئاسي خصوصًا وان أحد السفراء الأوروبيين اعتبر ان هذا الدور لسفراء الدول حول طاولة جامعة لزعماء القوى السياسية الاساسيّة، سيساعد بالتأكيد على تقريب وجهات النظر بين المتحاورين، بعكس ما حصل في جلسات الحوار التي عقدت في عين التينة، والتي كانت مسرحا للسجالات العقيمة التي لم تبدّل شيئا في مواقف الكتل، ولم تؤدِّ الى تنازلات لأيّ من الفرقاء تمهّد السبيل الى تسوية بالحد الأدنى.

وشدّدت الصادر النيابية على أنه اذا كان البعض يعتقد أنّ الاستقرار السياسي والأمني في لبنان مرتبط فقط بالتفاهم بين السنّة والشيعة، فإنّهم بدون أدنى شك يرتكبون خطأ فادحا، لأنّ هواجس المسيحيين أصبحت بالحجم الذي يمكن ان يخلق حالة عدم توازن خطيرة، وان كان هذا الفريق ليس على أجندة اهتمام أي عاصمة من العواصم الإقليمية او العربية او الدولية.

ورأت المصادر نفسها بأن تصوير الأزمة من قبل تيار المستقبل بأنها محاولة لتنصيب رئيس للجمهورية على حسابه، هو كمّن يضع رأسه في الرمال، وإن التحذيرات التي يطلقها التيار "الوطني الحر"، بالنزول الى الشارع وعدم الخروج منه حتى تحقيق التوازن والشراكة الحقيقيّة والميثاقيّة، لا يبدو قنابل صوتية، خصوصًا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما تردّده "القوات اللبنانيّة" أيضًا بأنّها لن تسكت حيال عدم إقرار قانون للانتخابات، وهذا يبدو مستبعدا بسبب تعنّت فريق مسلم.

وخلصت المصادر لاعتبار ان أيّ تحرك مقبل للقوى المسيحيّة لن يشبه على الإطلاق التحركات السابقة التي كانت في إطار التدليل على الشعبيّة، وإنّ التهكّم على التحذيرات التي تطلق ونتائجها ليس في محله.