كان مفترضاً بهذه الزاوية أن تتسع، اليوم أيضاً، لسلسلة »الهواجس« التي تقدم منها، في اليومين الماضيين، عجالتان... إلاّ أنّ العملية النوعية التي نفذها جيشنا في مخيّم عين الحلوة لا يمكن المرور عليها، لا في الشكل ولا في المضمون. فهي، في تقديرنا محطة إنطلاق الى عمليات نوعية وكلاسيكية عديدة.

1 - عملية عين الحلوة هي الأولى من نوعها، كونها غير مسبوقة في السنوات التي أعقبت الحرب... صحيح أن الجيش خاض معارك مختلفة وحقق فيها نتائج مهمة، وخاض معارك وحروباً عديدة، وأبلى فيها، كلّها، حسناً إلاّ أن عملية الكومندوس التي نفذتها فرقة من »النخبة« في المخابرات هي حال يجدر التنويه بها.

2 - إن جيشنا، بفرقه كلها، هو جيش النخبة، فالجيش الذي يعد جنوداً عقيدتهم لبنان، وطائفتهم لبنان، وصفوفهم من لبنان كله، ويسقطون في ساحة الشرف من الأطياف اللبنانية كافة فتتضامن دماؤهم في ري أرض الوطن... هذا الجيش هو الذي يبقى العمود الفقري الذي يستند اليه البنيان اللبناني.

3 - إن ​الجيش اللبناني​ لم يخض معركة خاسرة. هذه هي الوقائع في أنحاء الوطن كافة، وحتى في عرسال فهو نفذ عمليات بارزة سواء على صعيد المواجهة العسكرية أم على الصعيد النوعي، ولا يُعتد بخطف الجنود الأبطال في عرسال، لأنهم لم يسقطوا في المعركة، بل كانوا شبه عزّل ودفعوا ثمن التواطؤ المعروف الذي لن ندخل في تفاصيله اليوم، وبعد تلك المحنة ثبّت الجيش حضوره وقواه وعزّز فاعليته الكبيرة في مواجهة الجحافل الإرهابية في جرود عرسال... وهو يلقن الإرهابيين، يومياً، دروساً قاسية، وهم فقدوا المبادرة كلياً، وباتوا يتلقون ضربات الجيش المتواصلة التي توقع بينهم الإصابات البليغة بين قتلى وجرحى في شبه تواصل.

4- للمناسبة، واستطراداً للبند الثالث أعلاه، فإنّ جيشنا اللبناني هو الجيش الوحيد الذي اختبرته »داعش« واخواتها الإرهابيون، فثبت بالحديد والنار وبالتضحيات الجسيمة التي قدمها جيشنا أنه أشد الجيوش العربية التي واجهها الإرهابيون صلابة وقدرة وصموداً وذوداً عن الحياض. فهو الجيش الوحيد الذي لم يتراجع قيد أنملة منذ أن بدأت المواجهة... بينما نعرف ماذا جرى في البلدان العربية التي أقامت فيها »داعش« دولتها...

هذا جيش لبنان.

إنه إبن التراث العريق.

إنه وليد التقليد العسكري القويم إنضباطاً ومناقبية وشرفاً وتضحية ووفاء.

إنه حفيد جيش فخر الدين الذي نشر الإمارة من داخل جنوب فلسطين حتى اللاذقية.

إنه على خطى جيش الإستقلال الذي حقق تقدماً في حرب فلسطين الأولى بينما تراجعت جيوش دول الطوق كلها.

فيا جيشنا، للمرة الألف أكرر قولي فيك: إذا كانت الجيوش ضرورة للبلدان فإن الجيش هو قدر للبنان.