في جولة على شاطئ ​عين المريسة​ في بيروت، يخترق صوت هدير الأمواج صوت تدفق للمياه يترافق مع رائحة كريهة تنبعث بالقرب منه. ويخترق لون البحر الأزرق لون رمادي يعكّر انسيابية الأمواج في هذه المنطقة. إنه فوهة ​مياه الصرف الصحي​ الذي يصب على شاطىء بحر عين المريسة والذي يزيده تلوثاً يوماً بعد يوم.

وأسوأ ما في الأمر أن الصيادين ينتشرون بكثرة حول هذه المنطقة ويصطادون الأسماك منها متجاهلين حجم التلوث الموجود والذي ليس بحاجة لدراسات لاثباته، بل الرائحة المنبعثة من هذا المكان وحدها كفيلة من اظهار حجم الأوساخ التي يتغذى منها السمك.

واستطلعت "النشرة" آراء الصيادين في المنطقة الذين لم يعطوا أي أهمية لهذا المجرور، معتبرين أن الاسماك لا تتغذى من هذه المنطقة كما أنها تتواجد في قعر البحر "وبالتالي هي بعيدة عن تلوث المياه".

والجدير بالذكر أن هذه الأسماك المصطادة يتم بيعها في السوق اللبناني دون أي اختبارات لجودتها ومن دون أيّ رقابة، ما يجعل المواطن في خطر جديد يضاف على لائحة المخاطر البيئيّة والصحيّة التي تهدّده.

وفي هذا السياق، تنتشر أسواق بيع السمك في بيروت في عدة مناطق وأهمها منطقة "الأوزاعي"، حيث العربات والمزادات على السمك المصطاد من البحر، كما نجد زحمة المواطنين على الشراء. فهل يعلم من يشتري السمك ما هو مصدرها؟

يقول علي م.، الذي يأتي أسبوعياً إلى السوق لشراء السمك أنه لا يأبه للمكان الذي يصطاد منه، إذ أنه يعتبر أن "السمك لا يتغذى من الأوساخ ولحمه لا ينمو منها خصوصاً وأنه يقبع عادة في الأعماق بعيداً عن سطح المياه"، مؤكداً استمراره بالشراء رغم مشاهدته صور أماكن الصيد.

أما فاتن ل.، والتي تفاجأت بعد مشاهدة صور المجاري الصحيّة التي تصبّ في مكان الاصطياد، فأعربت عن اشمئزازها من هذه المظاهر، وأكدت أنه يجب التخوّف على صحّة أولادها، مطالبة ​بلدية بيروت​ ووزارة الصحة بمعالجة هذا الموضوع. يوافقها الرأي محمد حجازي، والذي يروي أنه أدخل ابنه إلى المستشفى بعد اصابته بفيروس بسبب التلوّث في لبنان حسب الأطباء، معتبراً أن أسباب الموت والمرض باتت كثيرة ولا أحد يبحث عن حلّ لها.

إذا، أين هي بلدية بيروت ووزارة الصحة ممّا يجري؟ ومن يحمي المواطن اللبناني من مخاطر الصيد قرب مياها للصرف الصحّي؟