مستشرسًا يبدو التيار الوطني الحرّ هذه المرّة. هذا ما يحاول بعض الكوادر تصويره للعامة كما لأبناء القاعدة المتحمّسين لنزلةٍ جديدة على الأرض قريبًا على أن تكون المفاجأة الكبرى في “النزلة” الثانية في 13 تشرين المقبل الذي لن يكون خاتمة الحراك العوني على ما علمت “البلد” حيث ستمتدّ “الفعاليات البرتقالية” حتى 15 تشرين الأول على أن يُرسَم القرار “النهائي” ما بعد هذا التاريخ على شفتي العماد ميشال عون نفسه، إلا إذا سبقه الرئيس سعد الحريري الى مفاجأته الكبرى!

كثيرًا ما تستعد الرابية ليوم “إيقاظ الجمر الغافي تحت الرماد”. هو يومٌ أشبه بحملةٍ تطلقها في الشارع وحيدةً بعناوين ذات مصبّ واحد: الميثاقية. تلك الحملة التي يعمل عليها مئات الناشطين في التيار الوطني اليوم تنتظر موافقة رئيس التيار الوزير جبران باسيل على الخطوط العريضة للحملة الإعلامية وفق معلوماتٍ لـ”البلد”، علمًا أن الرجل يواكب التحضيرات واللمسات الأخيرة عشية التظاهرة من نيويورك أوّل بأول.

يوم غضب!

تريد الرابية ببساطةٍ من خلال “يوم الغضب” ذاك أن تقول الكثير. تريد أن تعكس حالةً شعبيّة ناقمة على تهميش المكوّن المسيحي الأقوى في الحكومة والبرلمان كما في الشارع. تريد أن توجّه إنذاراتٍ لن تدوم أكثر من 18 يومًا في التحرّكين الأولين المركزيَّين على أن يُستَتبعا بقرارٍ قد يشكّل صدمةً للجميع: الاستقالة الشاملة التي لن تعفي على ما علمت “البلد” الحكومة ومجلس النواب وحتى بعض المديرين العامين والضباط، في حال وصل اللاتجاوب الى أوجه، ومتى قرر رأسا الحكومة والبرلمان المضي في تجاهلهما لهذا الصوت المسيحي الصارخ في الشارع.

في دور العبادة!

لن تكون المشهدية الشعبية عادية على ما يعد البرتقاليون، فالتراجع أقله في الصورة التي ستلتقط حشود الناشطين والمؤيدين لا يجب أن يخذلهم لا سيما أن المتربّصين الشمّاتين كثيرون. اليوم كلّ شيء يُطهى بهدوء ولكن بدينامية غير مسبوقة يقودها نائب رئيس التيار الوطني للشؤون الإدارية رومل صابر. وعلمت “البلد” أن عملية الحشد التي تضطلع بها خلية نحل متمركزة في “مركزية التيار” في ميرنا الشالوحي لا تعفي وسيلة تبدأ بالاتصال المباشر مع أبناء القاعدة من خلال “رؤوس” كبيرة في التيار وهو ما فعله باسيل في المرة الفائتة ولكن تعذّر وجوده في لبنان يحول دون تماسه اللاسلكي المباشر مع المؤيدين، ناهيك عن إرسال دعوات خاصة للنزول الى الشارع، وصولًا الى توزيع مناشير في دور العبادة. كلّ ذاك العمل اللوجستي يصبّ في خانة تحرّك يمتد حتى 15 تشرين الأول على أن يحمل اسم “التصويب على رأس الفساد”. ولعلّ ما يميّز هذه الحملة إنما يتجسّد في استمراريتها وعدم انقطاعها، بمعنى آخر لا تترك الرابية وقتًا مستقطعًا للناشطين والمؤيدين، بل تتواصل “اعتراضاتُها” في الشارع وفق برنامج غير معلن بعد ولكن تفاصيله الأولية تشي باعتصاماتٍ غير متوقّعة أمام أكثر من مرفقٍ عام تتقدمها السرايات البلدية (تحديدًا الكبيرة منها كجونيه وجبيل)، الى أن تصل الأمور الى العصيان المدني وهو خيارٌ غير مستبعدٍ في الرابية أيضًا.

بنك أسماء لا طوائف...

جلّ ما تحرص عليه الرابية اليوم وهو ما ستحاول تظهيره في أولى تظاهراتها إنما يتجسد في حقيقة التصويب على أحزابٍ وشخصيات لا على طوائف في ذاتها، وذلك تمهيدًا لبنك أسماء سينال أصحابها قسطهم من الأسهم العونية وعلى رأسهم الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس نبيه بري من دون أن يعكس ذلك “إهانةً” للطائفتين السنية والشيعية. أما في ما يتعلق بتحرّك تشرين المقبل فيعد البرتقاليون على ما علمت “البلد” بأن يكون مختلفًا تمامًا من حيث الحشد والمضمون، على أن يحدد العماد عون خلاله سواء شخصيًا أم عبر الشاشة الخطوة التالية التي لا تزال قيد الدرس وطيّ الكتمان، والتي قد لا تعود نافعة في حال صدُق الكلام على حسم الرئيس سعد الحريري خياراته لصالح انتخاب عون، على أن توضع بعض النقاط الأخيرة على حروفها تمهيدًا للإعلان-الصدمة. وفي هذا المجال علمت “البلد” أن “نائبًا مستقبليًا فاعلًا ومحلّ ثقةٍ عند الحريري نقل الى بعض النواب توجُّه الحريري الى انتخاب عون، طالبًا منهم السير في هذا الاتجاه أو في أحسن الأحوال ترك حريّة الخيار لهم”. كلامٌ سارعت مصادر “المستقبل” الى نفيه عبر “صدى البلد” رافضةً استباق الأمور وتاركةً الكلمة للرئيس الحريري الذي ليس لديه ما يخبئه ومتى كانت نواياه كذلك فسيعلن عنها حتى قبل مؤتمر التيار بعد شهرين. علمًا أن الربط بين ما نقله النائب عن الحريري وبين زيارة الأخير الى بنشعي ليل أمس عضويٌّ، إذ رغم أنها واحدة من جولات الحريري على القيادات وعون غير مستثنى منهم، بيد أنها حُمِّلت سيناريوهات عدة أبرزها إبلاغ الحريري فرنجية بالقرار المرّ.

تعويلٌ على الشباب

يعوّل التيار خير تعويل على قطاع الشباب كأداة حشدٍ رئيسة، وهو لهذا الغرض يكثّف اجتماعاته بهم. فبعد لقاء الأسبوع الفائت الذي شهد تحديد آلية التحرّك وخطوطه العريضة، يلتقي ناشطو القطاع اليوم في مركزية التيار لاستكمال التحضيرات والمساهمة في رسم سيناريو التحرّك الذي في حال لم يلقَ الصدى المطلوب في دُور القيادات فحتمًا سيبلغ ما حلا للتيار تسميته “نقطة اللاعودة” في إشارة الى آخر المراحل التي لن تكون سوى ذاك الحائط المسدود. حائط يقف خلفه تياران: برتقالي وأزرق ينتظر كلٌّ منهما الآخر اليوم في أعقاب اجتماعين يتزامنان منذ مدّة طويلة، على أن يرشح من كليهما مؤشرٌّ الى حلحلة تتظهّر في مساعي اللحظات الأخيرة أو الى ستاتيكو لن يحرّكه سوى حراك الرابية الموعود. فهل يكون الحريري سبّاقًا في الاستدراك في أقرب فرصة ممكنة؟