لعلّ وليد جنبلاط هو أكثر الزعماء اللبنانيين، غير المسيحيين، الذي عبّر، علناً، عن رأيه في «تفاهم معراب» بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع. فهو ينظر الى هذا التفاهم بواقعية حقيقية، يعرفها الآخرون لكنهم لا يقرّون بها. وأهم ما في النظرة الجنبلاطية أنها تنسحب على الإستحقاق الرئاسي. فهو قال في حديثه، الصحافي أمس، «إن كلاً من ميشال عون وسمير جعجع يملكان تأثيراً وحضوراً وازنين في جبل لبنان الأمر الذي لا ينطبق على المرشح سليمان فرنجية برغم إحترامي لموقعه وكلمته».

طبعاً كلام جنبلاط ليس إنجيلاً ولا قرآناً ولكنه قراءة في التطورات. والمستجدات التي يجد أن تفاهم معراب كان أبرزها. لماذا؟ لأنه ترك نتائج بارزة، أهمها ما وصفه أبو تيمور بأن التفاهم «أدى الى خلط الأوراق»... مضيفاً: «هذا التفاهم شبيه بتفاهم مار مخايل» (بين حزب اللّه والتيار الوطني الحر). ويستطرد: «لذلك يمكن القول انه ما بعد تفاهم عون - جعجع ليس كما قبله، وهما غيّرا المعادلة» (...) وهو الذي توقف في حديثه غير مرّة أمام التفاهم الثنائي، يمضي قائلاً: «يطرح التفاهم المسيحي المستجد علامات إستفهام كثيرة حول صورة التحالفات النيابية إذا إعتمد قانون الستين في الإنتخابات النيابية المقبلة وسنكون حتماً أمام مشهد إنتخابي مختلف غير مسبوق».

وعندما يقرأ جنبلاط في تفاهم القطبين المسيحيين الكبيرين، إنما يكون تفكيره في إنتخابات الجبل، وبالذات في عاليه والشوف. من هنا تُفهم إشارته الى «التأثير والحضور الوازنين» للثنائي المسيحي في جبل لبنان، ومن هنا أيضاً كلامه على تغيير المعادلة في الإنتخابات.

وإذا ربطنا هذا كله بـ «العتب» على العماد عون، وفي نظرة شمولية لتوصلنا الى الإستنتاج الجنبلاطي الآتي:

أولاً - جنبلاط يقر بأهمية القوة المسيحية المستجدة.

ثانياً - هو يرى أنه لم يعد ممكناً تجاوز الثنائي المسيحي، ليس فقط في الإنتخابات النيابية إنما على مستوى الإستحقاق الرئاسي.

ثالثاً - هو يدرك أن الإنتخابات البلدية ذات خصوصية لا تنسحب على الإنتخابات النيابية... لذلك لم يشارك في التفسيرات السطحية التي أعطاها البعض للنتائج البلدية حول عدم فاعلية الثنائي.

رابعاً - إن جنبلاط بدا وكأنه يستدرج الجنرال ميشال عون الى مبادرة، أو رد المبادرة (بل «المبادرات» كما قال) تمهيداً لموقف رئاسي.

خامساً - بدا واضحاً من كلام آخر له أنه رغم صداقته وتحالفه مع الرئيس نبيه بري ولكنه لا يتطابق معه في الإستحقاق الرئاسي في ظروفه الحالية.

وبعد، قد يبدو كلام جنبلاط مؤشراً رئاسياً بارزاً...

ويبقى السؤال: هل يبادر الجنرال؟

... وبانتظار أن تكتمل مهمة الرئيس سعد الحريري التي لا تبدو مستحيلة على الإطلاق.