خرقت عودة رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ الى لبنان الهدوء "الرئاسي" الذي ساد البلد منذ أكثر من سنتين، في وقت كان يستعد فيه رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون للتصعيد الكبير بعد أن شعر بأن كل الأبواب باتت موصدة في وجهه للوصول الى قصر بعبدا... عاد الحريري حاملاً معه تسريبات تشير الى أنه سيمضي في ترشيح عون للرئاسة ولكنه يحتاج الى وقت ليسوّق ما في جعبته، وأمام هذا الواقع الجديد تصحّ التساؤلات عن إمكانية سير السعودية بعون في هذا الظرف.

ظروف اقليمية غير مؤاتية

"في الظرف الذي تمر به المنطقة وفي وقت يصل فيه الصراع السعودي-الإيراني الى ذروته، إضافة الى المواجهة الاميركية-الروسية الحادة في سوريا، والتحضيرات لمعركة الموصل، هل يمكن أن تتفق الدول على رئيس في لبنان؟"

بهذه الاسئلة بدأ المحلل السياسي ​سركيس أبو زيد​ كلامه، معتبراً أن "كل هذه الأجواء الدوليّة لا تساعد على التوافق على رئيس هنا". أما مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية العميد المتقاعد ​وهبي قاطيشا​ فأكد أننا "لطالما دعونا الى لبننة الاستحقاق الرئاسي" لـ"يكون الرئيس صناعة لبنانية فقط لا غير دون انتظار أي إشارة من الخارج".

الحريري يتحرك

رغم هذا الجوّ الاقليمي السائد، فإن حركة الحريري جاءت لتُحدِث خرقاً في جدار الأزمة الرئاسية. وهنا يرى أبو زيد أن "ما يقوم به الحريري هو مجرد حركة سياسيّة هدفها إعادة إثبات وجوده"، لافتاً في نفس الوقت الى أن "الأخير يحمل برنامجاً سياسياً ليتشاور به مع كل الأفرقاء السياسيين". بدوره أكد قاطيشا أنه "لم يصدر أي موقف للحريري في ما خص الرئاسة أو المشاورات التي يقوم بها"، متسائلاً: "هل ذهب للقاء رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ لإبلاغه أنه سيسير بعون أم دعاه الى الاتفاق على إسم ثالث؟" وقال: "لا أحد يدري ووحدها الأيام المقبلة كفيلة بكشف ما يقوم به".

ارباك داخل "المستقبل"

يرى أبو زيد أن "الحريري يواجه إرباكاً داخل تياره وكتلته، ووضعه المادي متراجع ودوره مشكوك في أمره إذا كان كل ما يقوم به نابعًا من عدم رضا السعودية عليه، فحينها سيلعب رئيس كتلة "المستقبل فؤاد السنيورة دوراً أكبر وأقوى". أما قاطيشا فيشير الى أن "هناك صراعاً داخل كتلة "المستقبل" مع وجود من يؤيد ترشيح العماد عون للرئاسة ومن يرفض ذلك كلياً"، لافتاً الى أن "مسألة توحيد الموقف داخل تيار "المستقبل" هي لدى الحريري الذي يعرف كيف يسهّل الطريق في حال سار بعون".

لا حلحلة قريبة

رغم كلّ الكلام السائد اليوم عن حركة رئيس تيار "المستقبل" لا ترى مصادر مطّلعة أن "حلحلة قضية رئاسة الجمهورية باتت وشيكة"، معتبرةً أن "الحريري لا يمثّل دون السعودية، وفي حال كانت فعلاً هي الماضية بعون لرئاسة الجمهورية فلن يكون الحريري هو مفاوضها في هذا الملف خصوصاً وأنها لم تعمل على تعويمه ماديًّا أو تحسين وضعه في الشارع السنّي". وتذهب المصادر أبعد من ذلك لتقول أنه "وعندما تكون أزمة الرئاسة شارفت على نهايتها فلن يكون المشهد كما هو اليوم وكنّا على الاقل شاهدنا موفدين من سفارات معيّنة يأتون ذهاباً واياباً لمناقشة ملفّات معينة وغيرها من الأمور الغائبة عن المشهد السياسي اليوم، فأين نحن من هذا كله؟"

في المحصّلة تصبّ الحركة السياسية للحريري اليوم في خانة كسر الجمود القائم في البلد، وان كانت ستنتج رئيساً في المدى المنظور فأقلّه ليس في جلسة الاربعاء 28 أيلول التي ستكون شبيهة بسابقاتها.