منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، يخوض رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون حرباً ضروس لتذليل كلّ العقبات التي تعترض وصوله إلى قصر بعبدا، منطلقاً من معادلة "أنا أو لا أحد" لعدّة اعتبارات، أهمّها أنّ لبنان وفي ظل ما يمرّ به يحتاج برأيه الى رئيس قوي شعبياً يستطيع أن يكون الحكم بين كل الأطراف.

وعلى الرغم من الدعم الذي حظي به من "حزب الله" منذ اليوم الأول، وصولاً إلى تبني "​القوات اللبنانية​" لترشيحه وهو ما لم يكن أحد يتوقّعه قبل فترة، إلا أنّ طريق بعبدا لم تُعبَّد أمام "الجنرال"، وبقي البلد غارقاً في الجمود، إلى أن كسرته الحركة الناشطة التي برزت في الأيام الأخيرة لرئيس تيار المستقبل ​سعد الحريري​، والتي أوحت أنّ شيئاً ما يتغيّر.

وفي هذا السياق، يشير المحلل السياسي ​جوني منير​ عبر "النشرة" الى أن "الحريري وفي جولاته على السياسيين أبلغهم أنه ماض بترشيح عون للرئاسة ولكنه يدرس بإمعان تسويق قراره داخل تياره وفي الشارع السني"، إلا أنّه يلفت إلى أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري لديه في المقابل أهداف معينة وشروط محددّة حتى يسير، "كما أنه ممتعض من الحريري لكونه لم يقم كما في المرة السابقة التي تبنى فيها ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية بإبلاغه فوراً، بل إن بري يسمعها هذه المرة من هنا وهناك ما أثار حفيظته"، ومضيفاً: "بري ينتظر الجوّ الأقليمي حتى يتخذ قراره بالسير أو بالمعارضة، فإذا كان الجو مؤاتياً يدخل لعبة التفاوض، أما إذا كانت كل الحركة القائمة هي بغير غطاء إقليمي فإنه يبقى على معارضته".

"هي حركة في ظلّ أفق اقليمي مسدود من هنا لا يمكن التكهن بنجاحها أو فشلها". هذا ما يراه الكاتب والمحلل السياسي طارق ترشيشي، لافتاً الى أنه "وفي حال كانت حركة الحريري غير مبنية على إرادة سعودية للمساعدة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي فهي ستبقى بلا بركة"، مشيراً الى أن "موقف السعودية حتى الساعة مبهم فوزير الصحة وائل أبو فاعور لم يعد لا بموقف سلبي ولا بموقف إيجابي من الأمر ما فسره رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط بأن السعودية غير آبهة بما يحصل في لبنان وبالتالي فإن الاستمرار بالجمود هو سيد الموقف".

يرى منيّر أننا "في المرحلة الأخيرة من المفاوضات التي يجريها عون فإن سار الحريري علناً يبقى بري الذي ينتظر ورود اشارات واضحة من السعودية، وعندها لن يبقى أمام عون إلا إنتظار الجو الاقليمي يعد تذليل كل العقبات المحلية". أما ترشيشي فيعتبر أن "الاستحقاق الرئاسي دخل مرحلة جديدة ولكن لا يمكن أن يصل الى خواتيمه إلا اذا كان الافق الاقليمي مؤاتياً".

لا تشبه مفاوضات رئاسة الجمهورية هذه المرّات أيا من المرات السابقة، فإن نجح عون في إنتزاع تأييد الحريري له لن يبقى أمامه سوى إنتظار الجو الاقليمي الذي وبحسب المعلومات ليس مؤاتياً لإجراء إنتخابات رئاسية في لبنان حالياً!