يكاد المراقب لا يصدّق عينيه وأذنيه وهو يشاهد بعض الذين هم في فريق 14 آذار وفي تيار المستقبل تحديداً ويستمع إليهم عبر بريق الشاشات وأثير الإذاعات وهم يسجلون «المواقف» ضد خيارات الرئيس ​سعد الحريري​.

بينهم النائب الحالي والسابق، وبينهم الوزير السابق، وبينهم «القيادي»، وبينهم عضو هذا المجلس أو ذاك (...) و»يقرر» الواحد أن يسدي النصائح الى سعد الحريري «من موقع المحبة» كما يقول أحدهم و»للتاريخ» كما يقول ثان، و»تجاوباً مع نبض الشارع»، كما يقول آخر. و»صديقك من صدقك» كما يقول رابع.

وليؤذن لنا أن ندّعي أنها حفلة مزايدات سخيفة، وهي في النتيجة إساءة موصوفة الى هذا الرجل، الذي إسمه سعد الحريري، الذي قادته تقادير ظالمة (استشهاد الرئيس رفيق الحريري) الى أن يكون في الموقع الخطير في أكثر الظروف دقة لبنانياً وإقليمياً.

ولعلنا من قلّة بين الصحافيين الذين لا يعرفون الشيخ سعد عن قرب، ولكننا نعرف عنه حرصاً أكيداً على هذا الوطن، ونقدر سعيه الى إيجاد كوة نور في النفق المظلم يمكن أن يتسلّل منها شعاع يضيء الطريق الى الحلول فالخروج من الأزمات المتعاقبة والمتناسلة، بدءاً بالإستحقاق الرئاسي.

شخصياً قد لا نكون مع خيارات الرجل كلها... ولكن لا يمكننا أن نتجاهل مسعاه حتى ولو ربطه كثيرون بظروفه الشخصية الصعبة. وكم يؤسفنا أن يكون هناك، بين أقربين وأبعدين، من يجدون في الظروف الصعبة مجالاً للمزايدات والإدعاءات الفارغة، ومحاولة إظهار الحرص (أكثر من الرجل) على إرث وطني كبير خلّفه الشهيد رفيق الحريري.

فهذا النائب، الحالي أو السابق، هل كان ليصل الى النيابة، أو ليتمدد فيها دورات وتمديدات لو لم يكن على لائحة مدعومة من سعد الحريري؟ إن أحد النواب المزايدين الذي قدم له رفيق الحريري وسعد الكثير بماذا ردّ الجميل؟ وكذلك هذا الوزير أو ذاك القيادي! ربما بنكران الجميل والمزايدات!

وذاك الإعلامي الذي أعطاه آل الحريري وأكثروا (...) والذي يتوجه الى الشيخ سعد بالنصائح يسديها دون توقف ألا «يستحي على دمّو» كما يقول المثل الشعبي السائر؟!.

أما ذلك «القيادي» أو ذاك العضو في هذا المجلس أو تلك الهيئة فمن جاء به من المجهول وجعله قيادياً؟!.

وأما الذين هم من خارج «الصف» ويتخذون المواقف السلبية فالمسألة تتعلق بمصالح معروفة و»بشروط» قد تتصاعد الى حين التوصل الى تسوية تؤمن «الحصص»... لمن يستطيع أن يقنصها، وتؤمن «اللحسات» للبعض.

شيخ سعد دعوناكم قبل ايام قائلين: «اقدِم». وها قد فعلت واليوم ندعو لك بالتوفيق ونضيف: كان اللّه في عونك.