الجهل كلمة تقابل العلم، والجاهل بالشيء هو الفاقد للعلم بمبادىء الحياة، وهو العامل بغير مبادئ والسائر على غير هداية، والعامل بلا مقياس لفقدانه إياه، ولأنه جاهل بمقاييس الحياة والمبادىئ السليمة والقيم السامية، فإنه يصبح فاقداً للعمل، وفاقداً لضوابط الفكر، عنده مقاييس الإدراك معدومة، جدير التعجب ومستوحش من نجاح العلماء، لا يتقبلهم، مستغرب من أقوالهم، مستهجن من نجاح الناجحين، طاعن في نبوغ العباقرة، لا يتقبلهم، ومستغرب من أقوال الحكماء.

ان هذه الطباع هي التي تؤخر البلاد، فعندما تجد بلداً تكثر فيه الفوضوية، اعلم أن نماذج هؤلاء موجودة في هذا البلد، لأنهم لا يتقبلون النجاح وتأكلهم الغيرة والحسد، لأنهم استطبعوا نظاماً معيناً، فسرعان ما يحاربون كل ظاهرة إيجابية في المجتمع...

والفشل يأتي من هذا الباب حتى لا يجد الإنسان الناجح المجال ليظهر كفاءته لأن هؤلاء الجهلة يمنعون نشر العلم، حتى يصل الأمر بهؤلاء الى الإسقاط والحرب والتنكيل فيحاربون كل ما يجهلون...

هؤلاء الجبناء تصرفاتهم تدل على نوع التربية التي تربوا عليها، إذ ينصبغ ذلك السلوك الإجتماعي بنمط التفكير ونوع الفكر والإدراك...

بإعتبار اننا ننفرد عن بقية المخلوقات بإنسانيتنا، فهناك متطلبات لإنسانيتنا، أرواحنا كأجسادنا لها متطلبات، إن لم تحصل عليها أرواحنا سقطت إنسانيتها وإلا نتحول إلى حيوان، كمثل الروح بحاجة للمعرفة، فإن لم تحصل على المعرفة تذبل، ولا فرق بين الإنسان والحمار، وما كنت لأذكر الحمار لولا ان الله ذكره بكتابه (القرآن)، وهناك من البشر اقل من الحيوان، الحمار يحمل العلم ولكنه جاهل ويعطي ظهره للإنسان، أما الجبان الذي يفرض نفسه على الناس، فقيمته اقل من الحمار ويبقى جاهلاً وهو يركب على أكتاف الناس، يتمتع بسلوك اجتماعي أهوج غير مدروس قائم على أسس خاوية مهترئة متزلزلة، وينصبغ هذا السلوك بالعجرفة، يظن انه لا يرتدع، خارج عن الموضعية مما يدفعه الى التنافس بين الناس لا للتقدم في الخير والمسارعة للافضل بل للغيرة، والعداوة.

في الحياة أمور كثيرة وليست بذات الأهمية قد تشغل وتلهي الإنسان عن الهدف الأساسي من وجوده، فلذلك لا بد للانسان ان يتعامل مع المهم ولا ينشغل بغيره وان يكون واعياً ويعمل للهدف الأساسي.

الكثير من القضايا تشغلنا لا قيمة لها، ننشغل بالآخرين وعيوب الآخرين ولا ننشغل بالتوافه، ونهتم في الأشياء التي لها أثر في حياتنا وفي وجودنا وخلقتنا. الأمور تنقسم الى قسمين توافه ومهمة، صاحب الحكمة وصاحب العقل يتعامل مع التوافه بتفاهة يورميها في اعماق البحار بدون ندم.

الأهم ان نميز بين التوافه والمهم، فلنسلط الضوء على الأشياء المهمة المصيرية ونحرك لأجلها علمنا وفكرنا ليكون هذا الفكر معطاة للمجتمع، وحتى الكلام التافه لا يغير من الواقع شيئاً، فكم من كلمة دمرت المجتمع.

ان كلمات السوء مهما كانت صغيرة فهي تشبه النار ولربما يكون عود كبريت صغير سبباً في حصول حريق كبير وكذلك تفعل الكلمات النابية، وكم من حرب بدأت بكلمة بذيئة خرجت من احد الناس غير الخلوقين، أدت الى المشاحنات وتدمير العلاقات بالمجتمع، انها لغة الغيرة والحقد والكراهية...

ماذا لو استبدلنا هذه اللغة بلغة السلام والمحبة؟

من أجل المحافظة على أجيالنا القادمة انهم بناة الحضارة، وخدام الإنسانية وحملة العلم والرسالة يرفعون عجلة التاريخ نحو الأمام يملأون العالم نوراً وخيراً وسعادة...

ماذا علمنا بحاضر اولادنا وهم يشهدون اخلاقنا البشعة؟ ماذا يقول اولادنا غداً عندما يذكروننا؟

وبعد كل الذي جرى ويجري، نرفض النصيحة ونستمر في الغباوة والعناد ونستمر في الأساليب البالية...

تصرفوا كصخرة صماء تتحطم عليها أمواج البحر، أو كجبال شامخة، تعلو الى عنان السماء لتصدح بالعزة والكرامة.