إن مخافة الله والضمير النقي يتقلصان في المجتمع حتى أصبح الإيمان والخُلُق يتهددان...

أيها المواطنون الأعزاء... إن المسؤولية التي تنتظرنا وينتظرها الوطن والعالم منا كبيرة جداً وتتطلب الكبار لحملها وإتقانها وإيصالها للأجيال...

إن العالم قلق علينا لأننا أثبتنا أن الوطن الصغير كما تمكن من حمل مشعل الثقافة والحضارة ردحاً طويلاً من الزمن، كذلك يمكنه ان يصبح مصدر الشرور، والأخطار، والفساد، وأدرك العالم ان هذا الوطن الذي كان يراه وحده عالم مجهول.

لقد ابدعت العقول في الخطط الجهنمية وفي استعمال الوسائل المحرضة والمحطمة في تنظير الانحرافات والمظالم بعيداً عن المبادئ الانسانية والتقاليد اللبنانية، ولا أحد بات يدرك أن الطغيان والفساد يلتهمان المجتمع، وإن الخوف والطمع يمنعان توجيه أي نصيحة واعتراض.

يجب أن نقتنع جميعاً بقيام الدولة التي يشارك فيها الجميع، جميع مكوّنات هذا الشعب وهذا الوطن، ويشعر فيها الجميع بالثقة، يعني دولة لا تخيف أحداً... لا تقلق أحداً... لا يشعر أي مكوّن بأنها تتآمر عليه، دولة تبعث الطمأنينة عند المواطنين، دولة تخدم جميع مكوّنات الشعب اللبناني، فلا تمييز ولا إهمال ولا حرمان بين المناطق أو الطوائف. هذه الدولة هي التي نحتاج اليها وهي الضمانة في كل شيء، التي بموجبها ينتهي التفكير أو منهجية التعاطي السياسي على قاعدة التعصب الطائفي.

اليوم يجب تكريس مبدأ النهوض بالسلطة انطلاقاً من انتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت، والذهاب فوراً الى انتخابات نيابية، فلبنان في حالة احتضار سياسي، واقتصادي، واجتماعي، ما يستدعي عملية جراحية مستعجلة ليستنهض من جديد.

اليوم الكلمة للشعب، والكل يحق له التدخل في بناء الدولة، والكل لديهم شخصيات وزعامات وقيادات، والكل لديهم كفاءات، والكل لديهم قوة وحضور وحيوية وثقافة وحضارة.

إن بناء الدولة القوية القادرة يبدأ أولاً من حكومة وحدة وطنية جدية، لا تكون لإرضاء الحلفاء والأصدقاء، والمصالح الشخصية، بل بوضع قانون انتخاب منصف يشعر فيه اللبنانيون جميعاً بمختلف طوائفهم بالأمان والإطمئنان، هكذا نبني الدولة القوية العادلة المقتدرة وهذا هو المدخل لمعالجة المشاكل.

يجب ان يبقى الإطار التنافس السياسي المنطقي والمعقول لان مصير لبنان واحد، شعب واحد، يد واحدة، مسؤولية واحدة، نبني لبنان سوياً، بإعطاء الحرية الكاملة للمواطن ومواجهة كافة انواع الظلم من استبداد وإقطاع وتسلط وتصنيف المواطنين.

الشعب اللبناني كرامته قبل كل شيء لا يمكن أن يسمح لأحد أن يهدر كرامته من أجل إغراءات واحتياجات مادية.

عقلية الطائفة التعصبية السياسية يجب أن تخرج من العقول. عقلية الحزب أو التنظيم أو التيار القائد للدولة يجب أن تنتهي، لا يوجد إمكانية لها في لبنان، وإلا سوف نستمر في الأزمات. ونبقى في أماكننا مقيدين والعالم يسير ويتطور ونحن نعاني ونتخبط بالمشاكل والمخاطر المحيطة بِنَا وتسيد الفوضى بالبلاد والقوي يأكل الضعيف والفئة القوية تسيطر وتطغى، تنكل وتستحكم.

"كلنا شركاء في الخوف والغبن. من هو المطمئن على وجوده أو على وجود مكوّنه أو على وجود طائفته أو حتى على وجود لبنان أمام كل الأزمات الموجودة في المنطقة؟ نحن شعب واحد ويد واحدة وميثاق وطني واحد.

أمّا في لبنان فرسالتنا هي أنّ خلاصنا جميعا ورجاءنا وأملنا هو في بناء الدولة القادرة القوية العادلة العزيزة النظيفة، هذا هو الأمل، ومن المفترض أنّ هذا هو معقد الإجماع بين اللبنانيين، لأنّ هناك شعبا في لبنان، يرفض الاستعباد، والذل والهوان والاستبداد والإهانة، لبنان هو قوة عظمى بشعبها المعاني.

إن الشعب اللبناني ما زال يملك القدرة على الإستنهاض، واستنزاف الطامعين به... مازال يملك العزم والإرادة والقوة، والتاريخ يشهد لهذا الشعب الصامد وتحمله وصبره... تحمل الجهد، والغربة، والحرب، والجوع.

الا ترون أنّ كل عوامل الظلم في لبنان، عصابات، احزاب، تكتلات تلتف حول بعضها لتقرر مصير هذا الوطن دون الالتفات الى شعبه وحقوقه؟

وحده الإيمان بالله يجدد عزيمتنا واستمرار لتاريخنا البناء، واحياء الذكريات التي نقدسها، لأن تراثنا العظيم في لبنان يرسم الخطوط التفصيلية للطريق ويؤكد أصالتنا، وتشتد عزيمتنا للخروج من اجواء الفساد والتعصب والفتن، إنها أجواء لم تدمر المجتمع فحسب بل إنها اجواء فساد العقول والأنفس والألسن.