لم يتأخر التيار الوطني الحر بالرد على تهديدات رئيس المجلس النيابي نبيه بري بمواجهة ما وصفه المعاون السياسي له وزير الماليّة علي حسن خليل بالثنائية السنية-المسيحية، التي يعتبرها البعض بأنها سبب من أسباب الحرب اللبنانيّة، حيث جاء متأخرا توضيح رئيس المجلس ونفيه لما نسب الى وزير المال.

في الساعات القليلة المقبلة، أو حتى موعد جلسة ​الانتخابات الرئاسية​ في أواخر الشهر الجاري، سيكون رئيس تيّار "المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ ومعه غالبيّة نوابه مع انتخاب رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، يُضاف إليهم العدد الكافي من أصوات النواب ليصبح رئيسا للجمهورية.

في المقابل أعلن بري من المجلس النيابي وخلال الجلسة التشريعية ان سبل تعطيل الجلسة موجودة، لكنه لن يعطّلها وسيقترع ضد عون مع تقديره له، وسيقوم بتهنئة من يفوز، مشيرا الى انه سينتقل الى المعارضة، وان هذا الموقف لا طائفية ولا مذهبية فيه.

في الموازاة رصد شهود عيان رتلا من السيارات والدراجات النارية في شارع سبيرس وامام مركز لتيار "المستقبل" تحمل شبانا يهتفون ضد الحريري بعبارات غير لائقة.

وسألت مصادر سياسيّة وبغض النظر عن موقف بري الشخصي من العماد عون، ما اذا كانت تهديدات الأوّل بمواجهة ما اعتبره تحالفا بين الحريري ومكوّنات مسيحيّة في محلّها، أو تعكس توجهات الفريق الشيعي الآخر المؤيّد لوصول عون الى سدة الرئاسة؟!

ولفتت الى ان الزعيم الماروني ميشال عون عندما قرر الوقوف الى جانب "حزب الله" وهو خيار اتخذه عن قناعة، في طليعتها أنه لا يمكن عزل مكوّن لبناني دافع عن لبنان وحرّر أرضه، ولم يأخذ آنذاك بعين الاعتبار ممارسات المكوّن الشيعي الآخر وهو حركة "أمل" على الاصعدة كافة.

ورأت المصادر انه في حال تكرار حادثة "سبيرس" التي لا يمكن ان تحصل دون علم مسؤولين في حركة "أمل"، خصوصًا في غياب نبيه بري نهاية هذا الأسبوع لحضور مؤتمر برلماني في جنيف، فان الامر يُنذر بأخطارٍ كبيرةٍ، وإمكانية اشتباك سني شيعي في الشارع، عَمِلَ برّي ويعمل على تفاديه من خلال الحوار الذي يرعاه في عين التينة.

وشدّدت المصادر على أنّه اذا كان ما حصل هو تصرف من عناصر غير منضبطة مع ضمان عدم تكراره، فهذا يعني ان جلسة الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها، وسيتمّ انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، وذلك حسب تعداد دقيق للنواب المؤيدين له.

وترى المصادر ان دور "حزب الله" لم يعد محصورا في مسألة اقناع بري بالاقتراع لعون، لأنّ هذا الامر حسمه رئيس المجلس النيابي وبشكل علني، لكن الاتصالات ستتركز على إقناعه بالعدول عن لعب دور المعارض، خصوصًا وان جزءًا من الاتفاقات هو أنْ يكون برّي رئيسا للمجلس النيابي والحريري رئيسا للحكومة في عهد العماد ميشال عون.

وتابعت المصادر نفسها أنّه في جعبة "حزب الله" حجة إقناع كبيرة تتعلق بثقته في العماد عون من جهّة حماية المقاومة، التي سربت مصادر برّي انه سيدافع عنها انطلاقا من موقفه كمعارض، لأنّ هواجسه حول نوايا كل من سعد الحريري والعماد عون كبيرة.

وتعتقد المصادر ان السقف العالي الذي رفعه برّي في وجه وصول عون الى قصر بعبدا، لا بدّ وان يكون له علاقة بتحسين شروط تفاوضه، سواء مع "حزب الله" او مع رئيس تيّار "المستقبل" حول دوره في المرحلة المقبلة، كما أنّها لا تستبعد ان يحصل تفاهم ما قبل أواخر الشهر الجاري.

ولا ترى المصادر ان هناك مجالا بأن يكون رأس السلطة التشريعية رأس حربة في وجه العهد الجديد، اللهمّ الا اذا كانت حسابات رئيس حركة "أمل" لم تعد تنطبق مع حسابات "حزب الله" الاستراتيجية، او أن بري يرى تطورات المنطقة في منظار مغاير لنظرة الامين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله.

وخلصت المصادر الى اعتبار ان نجاح رئيس المجلس النيابي في عرقلة مساعي وصول عون الى رئاسة الجمهورية، بعد تأييد الحريري سيؤدي بما لا يدعو للشك الى شرخٍ كبيرٍ في النظام اللبناني وفي التركيبة اللبنانية، وإن تصرفّه هذا سيترك الطائفة الشيعيّة في مواجهة المكوّنات اللبنانيّة الأخرى مسيحيّة وإسلاميّة.