يستطيعُ زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري أنْ يجاهر وأنْ يفاخر بأنّه أم الصبي وأبوه في موضوع استحقاق رئاسة الجمهورية، فهو يكاد يكون الوحيد، منذ عامين وأربعة أشهر، أي منذ بدء الشغور في موقعِ الرئاسة، الذي دعم المرشحين الذين تقدموا تباعاً، ومنهم مَن تعثَّر وصولهُ ومنهم مَن لم يتجاوب معه حلفاؤه قبل خصومهِ، فكان لسان حاله يقول: أشهد أني حاولت.

حين أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ترشيحه، لقي الدعم من الرئيس سعد الحريري، لكن المعارضة جاءت قاسية، كل المكوِّن الشيعي رفض هذا الترشيح، ورشَّح النائب وليد جنبلاط النائب هنري حلو في وجهه، وبالتأكيد كانت كتلة النائب سليمان فرنجيه ضد هذا الترشيح، وكذلك كتلتا البعث والقومي.

حيال هذه المعارضة الشرسة كان من شبهِ المستحيل إيصال الدكتور سمير جعجع إلى بعبدا.

الرئيس سعد الحريري، ومن باب فتح المسارات أمام الحائط المسدود، عمدَ إلى ترشيح النائب سليمان فرنجيه، فجاء ضرب هذا الترشيح من حلفاء النائب فرنجيه ومن خصومه على حدٍّ سواء، فلا حزب الله دعمه، بل كان يقول إنَّ مرشحه الأول هو العماد ميشال عون، حاول الرئيس سعد الحريري ما بوسعه لكنه لا يستطيع إقناع حزب الله بالمرشح فرنجيه، لأنَّ هذه من مهمة المرشَّح.

يُضاف إلى ذلك أنَّ الرابية ومعراب وقَّعا ورقة تفاهمٍ ورشح بموجبها الدكتور سمير جعجع العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.

منذ ترشيح فرنجيه، مروراً بتفاهم معراب، وصولاً إلى اليوم، لا يزال الوزير فرنجيه مرشحاً حتى هذه اللحظة، وعمر هذا الترشيح عاماً كاملاً فهل ينسحب أمام المجريات أم يكمل ترشُّحه للرئاسة ديمقراطياً في الجاري أي في الجلسة المُرتقبة.

من جديد فتَّش الرئيس الحريري عن مسارٍ جديد، فكان تبني ترشيح العماد عون الذي يملك مروحةً واسعة من التفاهمات:

ورقة تفاهم مع حزب الله، أي أنَّ الحزب لا يستطيع رفضه. ورقة تفاهم مع القوات اللبنانية، وعدم ممانعة من النائب وليد جنبلاط وآخرين.

حيال كل هذه الوقائع، ماذا أمام الرئيس سعد الحريري أن يفعل؟

هل يتصرف كما تصرَّف غيره فيترك الأمور على غاربها؟

هل يتفرَّج على البلد ينهار من دون أن يقوم بأية حركة؟

الآخرون فعلوا ذلك فهل يفعل مثلهم؟

الرئيس سعد الحريري، بإمكانه أنْ يقف مجاهراً وشاهراً سيفَ الجرأة وقائلاً:

أقدمتُ على ما لم يُقدِم عليه الآخرون، ومَن لديه البدائل فليُقدِم ويتحرَّك. انتظرتُ سنتين وأربعة أشهر، فماذا فعل الآخرون غير الإنتظار، فيما البلدُ يتهاوى حجراً وراء حجر.

اليوم الخميس قد يكون آخر الترشيحات، وبعده لن يكون كما قبله، وجلسة الإنتخابات آتية لا مُحال، ولكن بعد الإنتخابات، التكليف.

لننتظر ونر.