لفت رئيس تيار "المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ إلى أنه "منذ اغتيال رئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​ في ذلك اليوم المشؤوم أمسكت بمسؤولية الفراغ الكبير الذي تركه رجل بحجم الوطن ومنذ تلك اللحظة كان لدي سؤال واحد ماذا كان ليفعل الحريري في مثل هذا الموقف؟ ماذا عسى رفيقي الحريري كان فاعلا بعد 14 شباط 2005؟ وماذا عساه كان فاعلا بعد عدوان تموز 2006؟ وماذاذ عساه كان فاعلا بعد 7 أيار 2008؟ وماذا عساه كان فاعلا بعد انتخابات 2009؟ وبعد مبادرة ال س س؟ وماذا عساه كان فاعلا بعد الانقلاب على الحكومة عام 2011؟".

وفي كلمة من بيت الوسط، سأل الحريري "ماذا عساه كان فاعلا ازاء انخراط "حزب الله" في الدم السوري؟ أو اذاء العدوان الارهابي في عرسال؟ وماذا عساه كان فاعلا مع نهاية ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان؟ هل كان صرخ وحرض طائفيا ومذهبيا؟ هل كان قال لنا احملوا السلاح؟ أكان أوقف الحوار؟"، مشيراً إلى "إنني متأكد ان كل شخص منكم يعرف الجواب وكان الحريري سأل نفسه كيف نحمي لبنان وأهله واتكل عليكم بعد الله وبادر وبادر وبادر للوصول إلى تسوية واليوم يعود السؤال البوصلة مجددا فأتوجه إليكم في لحظة دقيقة ومفصلية تفرض علينا مواجهة الأمور بكل واقعية والتحرك لانقاذ بلدنا عوضا عن الاستسلام لمخاطر الجمود والفراغ، قبل سنتين انتهى عهد سليمان ومنذ تلك اللحظة كنا نحذر من مخاطر هذا الفراغ ونقوم كل ما يمكننا لحماية لبنان من هذه المخاطر وكانت أول خطوة تشكيل حكومة تمام سلام بعد ذلك لم نترك محاولة إلا وقمنا بها لانتخاب رئيس".

ولفت إلى "إنني بدأنا بالعمل لوصول رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ وانتقلنا بعدها لطرح اسماء توافقية للرئاسة إلا ان ذلك لم يجد تجاوبا من أحد"، مشيراً إلى "إننا كنا قد قمنا بحوار أول مع رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون طلبت فيه ان يتفق مع جعجع لكنني لم أنجح وبعد عام ونصف عام من الفراغ انتقلنا لتأييد ترشيح رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​ على أمل ان يؤدي ذلك بحلفائه المقاطعين إلى حضور جلسة الانتخاب لكن للأسف من دون نتيجة".

وأكد أن "كل اللبنانيين باتوا شهودا على شل مجلس الوزراء وكيف بات التشريع في مجلس النواب استثناء، وباتت الدولة عاجزة عن تأمين أبسط الخدمات، والاخطر من ذلك كله بات الجميع شاهدا على عودة اللغة القديمة الجديدة لغة ما عدنا نريد أن نعيش معا، كما بات السؤال ينشر علنا وسرا حول فشل النظام والطائف وضرورة فرط النظام واعادة تركيبه"، متوجهاً للبنانيين بالقول "نعم إن الصراحة تفرض علي ان اقول ان الوضع أخطر بكثير مما قد يكون ظاهرا لأن هذه اللغة يمكنها ان تؤدي إلى حرب أهلية وسيجد هذا الوحش من يزايد علينا جميعا ويتبنا"، متسائلا "أينفع التذكير انه في كل مرة وقع فيها لبنان بالفراغ الرئاسي ولم يبادر أحدا للتسوية انتهت الأمور بالخراب والمآسي وبالدم والدموع؟".

وأصاف الحريري أنه "لا أحد يكذب على أحد ان أي حرب جديدة ستكون أرحم فيكفي النظر إلى حولنا، انظروا إلى سوريا واليمن والعراق، أنا لم اتسلم القيادة السياسية كي يصل بلدي إلى هذا وفي الاصل انا ابن رفيق الحريري الذي فنى نصف عمره السياسي لوقف الحرب ولو اردنا الاستسلام لردات الفعل لكنا دخلنا في صدام أهلي دموي في 7 أيار و2008 لكنني رفضت يومها التفكير في مثل هذا الاحتمال، لأنني فكرت دوما بالناس وبمستقبلهم ولو مشينا في طريق الحرب لكنا غارقين اليوم فيها"، موضحاً أنه "في الاصل لم أخض معترك العمل السياسي كي أكون رئيس كتلة نيابية أو رئيس حكومة بل اخترت مواصلة طريق رفيق الحريري بكل ما من حب للبنان ورفض للطائفية والمذهبية والتخلف الاقتصادي والسياسي"، مشيراً إلى أنه "كان خياري مواصلة هذه المسيرة تجسيدا لارادة أكثر من مليون لبناني نزلوا إلى الساحات ليقولوا سنكمل مسيرة رفيق الحريري وما زال اللبنانيون من كل الطوائف والاحزاب يترحمون على الفترة الذهبية التي عرفها لبنان قبل اغتيال الحريري ".

ولفت إلى "إنني لو اردت الثورة لما دخلت الحياة السياسية وأنفقت فيها كل ما ورثت دفاعا عن حلم من أورثني"، مؤكداً أن "رفيق الحريري ثروة وثورة، وذهبت الثورة حماية للثورة على العنف وعلى الكيدية وعلى الاحقاد، الثورة على من يريد اقناعنا بأن لبنان مستحيل فاعلموا جيدا انه هناك من يقول انه يمكننا حماية لبنان من النيران المجاورة لكن إلى متى؟"، مشدداً على "أن يكون لبنان جزيرة من الاستقرار والآمان النسبي في بحر من الدماء والدمار يبتلع المنطقة برمتها أمر لن يستمر بالصدفة ولا بالدعاء بل بارادتنا وعزيمتنا بالحفاظ على السلام وإن اكتمال النظام الدستوري وانتخاب رئيس هو العنصر الاساس في الحفاظ على الاستقرار والازمات المالية التي نعيشها لا يمكن تصور اي حل لها إلا عبر اكتمال نصاب المؤسسات الدستورية وعلى رأسها رئاسة الجمهورية".

وأشار الحريري إلى أنه "يبقى سد الفراغ في رأس الجمهورية هو مدخل الحفاظ على الدولة والنظام والاقتصاد والمؤسسات والناس ومن يريد الحفاظ على الدولة يجب وضع حد للفراغ الرئاسي اليوم قبل الغد ، ومن يريد اعطاء الدولة الفرصة للتوازن في ظل السلاح غير الشرعي عليه وضع حد للفراغ الرئاسي اليوم قبل الغد"، لافتاً إلى أنه "إذا اتفقنا ان استمرار الفراغ ليس خيارا وانما الدخول في صدام أهلي ليس خيارا وان الخيار الوحيد هو انتخاب رئيس الجمهورية فيجب ان أقول ان الخيارات ليست كثيرة".

واعتبر أنه "بقي أمامنا خيارا واحدا وهو رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون هكذا بوضوع وبصراحة خصوصا عندما تبنت "القوات اللبنانية" ترشيحه واتفقنا مع عون ان أحدا لن يطرح أي تعديل على النظام قبل اجماع من اللبنانيين"، مشيراً إلى أن "هذا كلام ينطلق من اجماعنا الذي كتبناه في دستورنا على ان لبنان وطن لجميع ابنائه عربي الهوية والانتماء وان كل اللبنانيين يرفضون التقسيم والتوطين ووصلنا في حوارنا إلى اعادة اطلاق عجلة الدولة والاقتصاد"، لافتاً إلى "إننا وصلنا لاتفاق على تحييد دولتنا بالكامل عن الازمة في سوريا، أزمة نريد حماية بلدنا منها وعزل دولتنا عنها".

وأعلن الحريري عن "تأييد ترشيح عون لرئاسة الجمهورية"، موضحاً أن "هذا قرارنابع من ضرورة حماية لبنان وحماية النظام والدولة والناس لكنه مرة جديدة قرار يستند إلى اتفاق بأن نحافظ معا على النظام وأن نحيد أنفسنا عن الازمة السورية".

وكشف أن "العماد عون وفق القواعد التي التقينا عليها، مرشح كي يكون رئيسا لكل اللبنانيين، وسيحرص على الانفتاح على كل القوى السياسية القادرة على دعم مسيرة بناء الدولة"، موضحاً أن "ما نحن بصدده اليوم هو تسوية سياسية بكل ما للكلمة من معنى، الكثير غير مقتنع بما أقوم به ويقول لي هذه ليست تسوية هذه تضحية بشخصك وبشعبيتك فلهم أقول نعم مخاطرة سياسية كبرة لكنني مستعد ان أخاطر بشعبيتي ألف مرة لأحميكم جميعا لا أن أحمي نفسي وشعبيتي"، مشيراً إلى "كل شخص يقول لبنان أولا، لبنان أولا يعني لبنان أولا ليس سعد الحريري أولا يعني كرامة اللبنانيين أولا وأمنهم واستقرارهم أولا وحماية الدولة والنظام أولا وحماية لبنان أولا وثانيا وأخيرا ونعم أخاطر من دون أي خوف لان خوفي الأخير هو على لبنان وعلى مستقبل أولادنا ولو كان هدفي الشعبية لرفعت صوتي وحقنت الشارع بالطائفية".

وأضاف الحريري أنه "في كل مرة ضحينا من أجل الدولة والنظام والوطن لم نسأل إلا عن رضا الله، بوصلتنا ان التاريخ والشعب أنصفوا رفيق الحريري على كل تضحياته وصولا إلى آخرها لأجل الوطن".