كانت كلمة رئيس تيّار "المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ في إعلانه تبني ترشيح رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، من بيت الوسط، وجدانية بامتياز صياغة والقاء. ويبقى الان معرفة صدى ونتائج هذا الخطاب في يوم الحساب حيث "يُكرم المرء أو يُدان"، وهذا اليوم هو آخر شهر تشرين الاول الجاري.

ورأت مصادر سياسية ان ما قاله الحريري كان عرضا تبريريا موفقا، رابطا الاتفاق مع عون على عدم المسّ بالنظام القائم حاليًّا أيّ دستور الطائف إلا إذا أجمع اللبنانيون على نظام بديل.

وشدّد على ان الاتفاق لَحَظَ الفصل بين الأزمة في سوريا والوضع في لبنان تأكيدًا على سياسة النأي بالنفس.

وتعتقد المصادر نفسها أنّ الحريري أمّن كل المعطيات لحماية خطوته، مع الأخذ في عين الاعتبار أن لا يوجد في السياسة جمعيات خيرية.

واللافت في خطاب الحريري وفق المصادر، أن مضمون الكلمة جيد جدا من حيث إقناع اللبنانيين، إضافة الى أنه حَمّل العماد عون مسؤولية أيّ خللٍ بالاتفاق، ولم يُحَمِّل "حزب الله" كما كان يفعل دائما. وعدم الإشارة لا مباشرة ولا تلميحا الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وتوقّعت المصادر ان تكون السيناريوهات التي ستلي تبنّي رئيس تيّار "المستقبل" ترشيح رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" متعدّدة الجوانب وفي كل الاتجاهات، وبين معظم المكوّنات.

وقالت هذه المصادر ان الخطوة الاولى ستكون بمجهود يقوم به الأوّل لتأمين أكبر عددٍ من نواب كتلته للاقتراع لصالح عون.

اما الخطوات الأخرى فهي الإتّصالات الشاقّة والصعبة والدّقيقة بين الحلفاء، إنطلاقا من التصريح الذي ادلى به وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش وأشار فيه ان الأيام التي تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية ستشهد تطورات مهمّة.

ولفتت المصادر الى انه لو لم يكن فنيش يملك مؤشرات إيجابيّة حيال رأب الصدع بين الحلفاء لما كان أشار الى مثل هذه التطورات، التي ربما ستتوضح اكثر في الكلمة التي سيلقيها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بعد ظهر يوم الأحد المقبل.

وتقول المصادر انه انطلاقا من الجهد المتوقع من السيد نصرالله في هذا الاتجاه، يمكن معرفة نتائج اللقاء بين بري وعون، وينطبق ذلك على ما ستؤول إليه العلاقة بين الثاني ورئيس تيّار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​.

وشددت المصادر ان أي محاولة من أي جهة كانت لتأجيل الانتخابات الرئاسية الى موعد لاحق لن تلقى آذانا صاغية من العماد عون، نظرا للمخاطر التي يمكن ان تُبَدِّل في المشهد الانتخابي بعد كلمة سعد الحريري.

وتؤكّد المصادر ان نجاح الجهود التي ستبذل من الآن وحتى موعد الانتخابات الرئاسية بهدف التوصّل الى تفاهمات، أو الى شبه إجماعٍ على انتخاب عون رئيسا للجمهورية، فهذا سيكون نقطة انطلاق قوية للعهد الجديد تؤمّن تشكيل حكومة بأسرع وقتٍ ممكن، وبداية ورشة العمل المثقلة بالملفات الشائكة والمعقدة.

في الخلاصة، إذا فشلت الاتصالات في رأب الصدع بين قوى الثامن من آذار (بين نبيه بري وسليمان فرنجية من جهة والعماد ميشال عون من جهة أخرى)، او التفاهم بين بري والحريري، فإنّ الانتخابات الرئاسية ستحصل في موعدها وسيتمّ تأمين الأصوات اللازمة لوصول عون الى قصر بعبدا، لكن المشاكل الكبرى تبدأ بعد الانتهاء من هذا الاستحقاق، سواء من ناحية تشكيل الحكومة، أو قانون الانتخاب أو اجراء الانتخابات النيابية، ولكن كل هذه الامور ستحصل داخل المنزل الذي ستكون جدرانه قد أصبحت محصّنة بوجود رأس الدولة، وليس كما هي الحال الان.