فُتحت أبواب قصر بعبدا أمام الجنرال. هذا صحيح. ومسافة الأمتار الأخيرة قصيرة ولكنها حافلة بالمطبّات والمخاطر التي لا يجهلها العماد عون ولا الرئيس سعد الحريري، ولا المراقبون.

العقبة الأكبر هي عقبة الرئيس نبيه بري. مع أن كثيرين لا يفهمون إصرار رئيس حركة أمل على هذا الموقف العنيد جداً ضدّ حليف الحليف، فإنه في النتيجة حال قائمة بذاتها. فالرجل ليس ممن «يتساهلون» وإن كان حريصاً على أن تأخذ «اللعبة الديموقراطية» مداها بإعلانه أنه لن ينتخب الجنرال ولكنه لن يقاطع الجلسة، وبالتالي لن يسهم في تطيير نصابها.

العقبة الثانية هي عقبة الشارع السنّي. ولكن ما تسرّب من أقوال منسوبه الى الرئيس بري والى الوزير علي حسن خليل (ولو جرى نفيها أو أقله تلطيفها) قد جاءت في مصلحة الجنرال في هذا الشارع... ولا نود أن نخوض في التفاصيل. ويطرح السؤال ذاته في هذه النقطة بالذات: ما هو دور حزب اللّه؟ كتلة الحزب النيابية بدت، أمس، إيجابية إزاء قرار تأييد الحريري دعم ترشيح الجنرال... وإن كانت كررت الدعوة التي سبق لسماحة الأمين العام السيّد حسن نصراللّه أن وجهها الى مزيد من الحوار... وهو الحوار الذي بدا عون مستعداً للتجاوب معه. وبادر فعلاً الى الإتصال بالرئيس نبيه بري، والتقيا ليلا كما هو معلوم في عين التينة، وأيضاً بالوزير وليد جنبلاط وكذلك سيكون إتصال بالوزير سليمان فرنجية.

العقبة الثالثة هي بعض الأصوات في كتلة المستقبل التي يصرّ أصحابها على أنهم لن ينتخبوا عون. ومع أن هؤلاء معروفون، يتقدمهم الرئيس فؤاد السنيورة، فقد أعرب البعض عن عدم «استهضام» مبادرة السنيورة، فور إنتهاء إعلان الحريري في بيت الوسط، الى القول إنه لن يقترع لعون. واعتبر البعض التوقيت والمكان غير مناسبين. وذلك أقل تقدير في هذه المناسبة. مع الإشارة الى أن الأكثرية الساحقة من كتلة نواب المستقبل هي ملتزمة بقرار الرئيس سعد الحريري.

هل من دور لحزب اللّه خارج النصيحة بالتواصل والتفاهم بين عون وأطراف 8 آذار؟

أي، استطراداً، هل يكتفي الحزب بأن يقف متفرجاً منتظراً حراك عون لدى الحلفاء؟

الجواب يقرأ في كلام سابق لسماحة السيد حسن نصراللّه أوحى فيه بأن دوره يبدأ بعد أن يعلن الحريري تأييد ترشيح عون، وها قد تم ذلك. من هنا بات منتظراً أن يبادر حزب اللّه الى تحريك مروحة إتصالات قد تنتهي باجتماع نصراللّه والرئيسين عون وبري والوزير سليمان فرنجية في مقر السيّد... في محاولة لتصفية القلوب بعد أن يكون رئيس المجلس قد تلقى وعوداً تقطع له ببعض الضمانات المطلوبة.

في أي حال الحدث أمس كان تاريخياً بكل ما للكلمة من معنى. ويُسجل لسعد الحريري أنه بادر أولاً ومثنى وثلاثاً ورباعاً حيث لم يتحرك الآخرون.