أكد رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية ​جبران باسيل​ "أننا معنيون بمعادلة أن الأقوياء هم من يجب أن يتمثّلوا في الحكم بفعل قوتهم التمثيلية، كما أننا معنيون بأن يكون رئيس "تيار المستقبل" النائب ​سعد الحريري​ هو القوي في طائفته بما يمثل من صورة للاسلام المعتدل. لكن على الحريري ان يترجمه، كما أن علينا نحن أن نترجمه أيضاً "، مشددا على "أننا كنا ولا نزال نرغب في أن يكون الرئيس نبيه بري من ضمن التفاهم الرئاسي لأن هذا موقعه الطبيعي".

ولفت باسيل في حديث لصحيفة "الأخبار" الى "أننا منذ البداية لم نتعاطَ مع بري بأقل من موقعه وأهميته الدستورية والوطنية. وكنا نعتبر طوال الوقت، بالاتفاق معه، انه في موقع المؤيد لنا. في النهاية، هو فضّل أن يكون له خيار آخر لم نكن نتوقّعه. هذا قراره الذي نحترمه"، معتبرا أن "كثيرين من باب التسخيف، يحاولون تصوير الأمور بيننا وكأنها شخصية. الموضوع لا علاقة له بالكيمياء. بالطبع نختلف معه في قضايا يومية كثيرة، ولكن على المستوى الوطني والاستراتيجي لا نراه خارج هذا التفاهم. وعلينا جميعاً أن نقبل بقواعد الديمقراطية والميثاقية".

وأوضح أن "الميثاقية تقتضي ان التوازن الوطني يقوم على أن كل من يشكل الاكثرية داخل مكوّنه يتبوأ مركز السلطة ويكون عليه اجماع وطني. هذا ما تمتع به سابقاً منصبا رئاستي المجلس النيابي والحكومة وحُرمت منه رئاسة الجمهورية"، مشيرا الى أنه "اليوم تتحقق الميثاقية التمثيلية والعدالة الوطنية، ولا نستطيع إلا أن نرى بري فرحاً بهذا الانجاز، وإن كنا نحبّ أن يكون هو من صانعيه".

وشدد باسيل على "أننا ماضون في طريق استكمال التفاهمات الوطنية التي بدأناها عام 2006 بمذكرة التفاهم مع "حزب الله" التي جنّبت لبنان آنذاك الانقسام الكبير، مروراً بالتفاهم مع "​القوات اللبنانية​" الذي حقّق الحد الأدنى من التماسك المسيحي الضروري للتماسك الوطني"، معلنا "أننا اليوم، وصلنا الى الغاية التي ننشدها منذ 2005 بتحقيق تفاهم مع تيار المستقبل على الشراكة. الشراكة بمعناها الوطني الواسع، وبمعناها في الحكم، أي رئيسا جمهورية وحكومة يتشاركان في السلطة التنفيذية، فيما السلطة التشريعية، بطبيعة الحال، لها دورها الكبير".

ورأى أن لـ"الحريري دوراً أساسياً في إعادة إبراز الصورة المعتدلة والمنفتحة للإسلام، وهو الدور الذي لعبه سنّة لبنان دائماً، وبما يناقض الصورة الهمجية التي تقدمها التنظيمات الارهابية. وواجبنا أن نساعده في ذلك لأن نجاحه ضروري للبنان ولكل العالم. المسيحية مرت بمراحل مماثلة من الهمجية قبل أن يأتي من المسيحيين من نقلها وطوّرها. هكذا نرى الدور الذي يمكن أن يلعبه الحريري"، مؤكدا أن "هذا التوجه لا يتناقض مع تفاهمنا مع حزب الله من أجل ترسيخ طمأنينة داخلية بأن سلاح المقاومة تجاه اسرائيل أعطى قوة للبنان".

وأضاف: "أنا، هنا، شاهد على ذلك خصوصاً في موضوع النفط الذي ما كنا لنفكّر فيه لولا وجود هذه القوة"، معربا عن أسفه لـ"أننا دفعنا في سبيل ذلك كثيراً بسبب الإفتراءات والتشويهات وتصوير تفاهمنا على أنه ثنائية مسيحية ــــ شيعية ضد السنة، تماماً كما يحصل اليوم من محاولات تشويه وتصوير تفاهمنا مع المستقبل بأنه ضد الشيعة. ولكن، نشكر الله أن هناك ما يكفي من الثقة والرصيد في هذه الجهة بما لا يمكّن أحداً من هزّهما".

وأشار باسيل الى "أننا نسعى الى استكمال التفاهمات مع المكوّنات الأساسية الكبيرة، وفي مقدمها الطائفة الدرزية لما لها من خصوصية تاريخية وطنية في تأسيس الكيان، وبالذات في جبل لبنان، قلب هذا الكيان"، لافتا الى أنه "لا يمكن، للحظة، تخيّل أن لا تضم تفاهماتنا الطائفة الدرزية، ليس بالمعنى الاستلحاقي وإنما بالمعنى التأسيسي والتكويني والتشاركي، لأن هذه طبيعة وجودهم".

كما أكد أن "حليفنا الدائم هو رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" ​طلال ارسلان​ جزء أساسي من المشهد الدرزي، وكذلك الوزير السابق ​وئام وهاب​. لكن في الوقت نفسه، التفاهم مع رئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب ​وليد جنبلاط​ يشكّل ضرورة للجبل وللبنان، ولتحقيق وحدة وطنية حقيقية لا تستثني أحداً"، وردا على سؤال حول اذا ما اختار جنبلاط ألا يمشي برئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، قال: "لا يضعه ذلك خارج الوطن، لكنه يكون قد اختار أن يبقى خارج هذا التفاهم الرئاسي".

واعتبر باسيل أن "أهم ما تفاهمنا عليه مع الحريري هو أننا نريد أن نبني دولة. هذا كان مطلبنا وإذا كان مشتركاً فليكن. برأينا، بناء الدولة لا يكون من دون حرية وسيادة واستقلال، والتعبير عن ذلك أن انتخاب الرئيس يحصل بقرار لبناني. صحيح أن الحريري تحدث عن مخاض طويل قبل الوصول الى قراره. ولكن، بالنسبة إلينا، الأمر طبيعي لأن العماد عون مفروض، ليس بقرار خارجي، وإنما بقوة أكثرية يمثلها، وهذه القاعدة التي نريد أن نكرسها"، مشيرا الى أن "بناء الدولة يكون بامتلاكها هوية واضحة وبأنه لا يمكنها أن تعيش مع الارهاب، وهذه أولوية مطلقة. كما يكون بالاتفاق على نظرة اقتصادية تحقق إزدهاراً وقوة للبلد. كل هذه الأسس كان من الضروري أن نتفاهم حولها، وكلها تُختصر تحت عنوان بناء الدولة. وفي هذا، لا الحريري خاسر ولا فريقه ولا البلد، والكل سيكون رابحاً".

وحول ما اذا تم التفاهم مع الحريري على سلاح المقاومة، قال باسيل: "تحدثنا في كل الأمور. هناك مواضيع ليست بحاجة للنقاش فيها لأن المواقف منها معروفة. موقفنا من سلاح المقاومة واضح. أولاً هو من ضمن بنود وثيقة تفاهمنا مع حزب الله، وثانياً هذا أمر تطرقت إليه كل البيانات الوزارية في الحكومات السابقة، ما يعني أن هناك اتفاقاً لبنانياً حوله. وثالثاً، وعلى المدى الأبعد، هو من ضمن استراتيجية دفاعية يتفق عليها اللبنانيون في حوار وطني".

وأوضح أن "الدولة قائمة على ثلاثة أقانيم أساسية: ميثاق ثابت، ودستور يمكن تطويره بتوافق اللبنانيين ومكوّناتهم، وقوانين متغيرة بحسب المتطلبات"، لافتا الى أن "تطبيق الدستور والقوانين يعني الخروج من الوضع الحالي لأن اتفاق الطائف لم يُطبق أصلا، والميثاق تعرّض للخلل بسبب عدم احترامه. ما نسعى إليه هو تطبيق الدستور فعلياً، بالشراكة، حتى يمكننا الوصول الى مشهد سليم يمكّننا من أن نستشفّ سبل تطويره، ودائماً بتوافق اللبنانيين، لأن الفكرة الأساسية هي ألا يستخدم أحد اي ظرف داخلي أو خارجي لقهر طائفة أو كسرها أو هزيمتها".

وحول ما تردد عن الاتفاق على اسم قائد اللواء التاسع العميد ​جوزيف عون​ قائداً للجيش، أكد باسيل أنه "لم تطرح أي أسماء، واساساً لم نقبل الدخول في أسماء. هذه تخويفات تستخدم لغايات تنتهي في وقتها"، متسائلا: "هل يمكن أن يُعيّن قائد جيش من دون رئيسي الجمهورية والحكومة؟ أو من دون أن يكون مريحاً للمقاومة أو للخارج الذي يقدم مساعدات للجيش كمؤسسة حامية للاستقرار وتحارب الارهاب؟".

وحول السياسة المالية، كشف "أننا اتفقنا عموماً على أن لبنان بلد اقتصاده حرّ وفيه متسع للمبادرات الفردية ومجال كبير لتحرك القطاع الخاص، من دون ان يعني ذلك اننا قررنا خصخصة الدولة أو تأميمها. وتفاهمنا على أن السياسة المالية تحتاج الى تصحيح لتكون خاضعة للدستور والقوانين وليس للاستنسابية"، مشددا على أن "كل ما سمّوه صفقة النفط هو مجرد تفاهم على أن لهذا الملف أولوية يجب أن يُعمل عليها. ونقطة على السطر".

وشدد باسيل لى "أننا لم ندخل في أسماء ولا في توزيع وزارات. ولكن على الجميع أن يعتادوا أن هناك اليوم، في البلد، وضعاً مسيحياً مختلفاً عما كان عليه سابقاً. وهو وضع مطمئن للمسيحيين ولكل اللبنانيين: للمسيحيين عبر ضمان شراكتهم في السلطة، ولكل اللبنانيين بأن هذا الأمر ليس على حساب أحد من بقية الطوائف. لا عودة مسيحياً الى مرحلة 1990 ـــ 2005، ولا عودة الى ما قبل 1975. وبالتأكيد لا عودة الى مرحلة 1975 ــــ 1990".

واذا ما كان يتوقع انتخاب العماد عون بالثلثين من الدورة الأولى، أشار الى "أننا نعمل بالجملة وليس بالمفرق، ونشتغل على تفاهمات كبيرة وطنية، ونتمنى ان نبقى على هذا الاوتوستراد وألا ندخل في زواريب الاصوات المتفرقة. أما إذا لزم ذلك للمعركة الانتخابية فليكن"، مشددا على أنه "يجب ألّا تكون هناك تعسرات حكومية أمام انطلاقة العهد".

وحول أي وزارة سيتسلم في الحكومة الجديدة أجاب ممازحا: "24 وزارة. بحسب مواقع التواصل الاجتماعي".