لم تواكب ​كتلة المستقبل​ النيابية بكامل أعضائها خطوة رئيس التيار الأزرق النائب ​سعد الحريري​ التي تبنى فيها ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية. بين نواب المستقبل الرافضين لتبني ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح، من غاب عن بيت الوسط لحظة الإعلان، ومنهم من حضر وأعلن بعد الإحتفال أنه لن يصوت لـ"الجنرال" وسيقترع لمصلحة الورقة البيضاء. منهم من قرر سراً وليس في العلن أنه سيعطي صوته لرئيس تيار المرده النائب ​سليمان فرنجية​، ومنهم من يعمل على تأمين أكبر عدد ممكن من الأصوات المعترضة على عون، لمصلحة رئيس المرده. اللافت في هذه الحركة الإعتراضية هو عدم توحدها وتشتّتها في أكثر من إتجاه، والسبب بحسب المصادر المستقبلية المقربة من الحريري، يعود الى الكلام القاسي الذي إستعمله "الشيخ سعد" خلال إجتماعات كتلة المستقبل التي عقدت في الأيام القليلة الماضية، كلام تضمن تهديداً حريرياً مباشراً لكل من إعترض من النواب على خياره العوني، وفي هذا السياق يقول نائب مستقبلي، لقد إضطر الحريري أن يقول للمعترضين، "إذا هيك صارت القصة رح فتّش بالإنتخابات المقبلة على مرشحين آخرين مستعدين لمواكبتي والإلتزام بقرارات قيادة تيار المستقبل".

كلام الحريري هذا، العالي النبرة، والذي وصفه البعض بـ"التهديد المباشر" هو الذي خفف من منسوب الموجة الإعتراضية وهو الذي منع أن يقود رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أو غيره جبهة نيابية من داخل كتلة المستقبل تحشد الأصوات لصالح فرنجية، وتخوض معركة تحدٍ بوجه الحريري وما يمثل داخل التيار. لذلك وإنطلاقاً من هذا التهديد، عبّر كل معترض على طريقته، وتوزعت أصوات المعترضين على عون بين الورقة البيضاء وعدم المشاركة في الجلسة، والإقتراع لمصلحة فرنجية وهو الخيار الأكثر إستفزازاً للحريري، تقول الأوساط المستقبلية المتابعة، كل ذلك حفاظاً على خط الرجعة مع رئيس التيار، ومنعاً لتنفيذه تهديده بترشيح آخرين بدلاً من المعترضين، وما أكثر الطامحين في الصف القيادي المستقبلي لتزويد سياراتهم بلوحات زرقاء.

إذاً نجح الحريري بتجنيب تيار المستقبل إنقساماً وشرذمةً ومواجهةً داخلية بين النواب المقربين اليه والمعترضين على خياره، ونجح في إستقطاب الأكثرية النيابية داخل كتلته ودفعها الى الإلتزام بقرار تبني ترشيح عون، وتتوقع أوساطه بأن تنخفض نسبة المعترضين لحظة تدق ساعة جلسة الانتخاب، ويصبح الإستحقاق واقعاً والنتيجة معروفة، غير أن هذا النجاح لا يعني أبداً أن الحريري سيتعاطى داخل التيار بعد إنتخاب عون كما كان يتعاطى قبل الانتخاب، فالمحاسبة أمر محسوم بالنسبة اليه، وإعادة الهيكلة أيضاً، كل ذلك للوصول الى تركيبة متجانسة مترابطة تلتزم قرارات القيادة ولا تؤسس لتيارات متنازعة داخل تيار المستقبل، تارةً تنتفض على قرارات قيادتها، وتارةً أخرى تسرب لوسائل الإعلام كلاماً عن ثنائية قيادية داخل البيت المستقبلي، وبين الإنتفاض والتسريب، تستغل الظروف التي تفرض على رئيس التيار أحياناً التواجد خارج البلاد، لعقد إجتماعات وإصدار بيانات من دون التنسيق معه وإستشارته.