رأى الامين العام لـ"حزب الله" السيد نصر الله ان "الايام الماضية حملت تطورا مهما تمثل بإعلان رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري دعمه لترشيح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون للرئاسة، بالرغم من ان خطاب الاعلان من قبل الحريري كان تصيعدي ضد "حزب الله" ولكن لن نقف عند ذلك ولن نرد الآن، لان المرحلة تحتاج الى الترفع ونحن اخترنا الصمت الرئاسي ليس لان موقفنا غير واضح بل لاننا اردنا ان نبتعد عن ادبيات الربح والخسارة".

و وفي كلمة له، في اسبوع احد قادته الملقب بـ"الحاج علاء"، أكد نصر الله ان "كل ما يجري يمكن مقاربته من خلال الحوار لان احدا من الحلفاء والخصوم لا يفكر بعقلية الفوضى والحرب الاهلية وما نسب الى قيادة "حركة امل" بهذا الخصوص غير صحيح وقيادة "امل" نفته بشكل حاسم، ولكن بعض الجهات بالرغم من النفي القاطع ما زالت تعمل عليه للتخويف والتحريض لايجاد مناخات سيئة في البلد"، مشددا على ان "احدا لا يفكر بثنائية لا على اساس سياسي ولا طائفي ولا حزبي، والجميع يستوعب ان لبنان لا يتحمل ان يديره اي ثنائي مهما مثل هذا الثنائي في البلد ولكن بعض المعطيات اثارت هذا القلق ويجب ان يعالج وهناك نقاط قلق يجب ان نبادر جميعا لمعالجتها"، لافتا الى ان "الحلفاء ليسوا جهة او تنظيم واحد، والتحالف لا يعني التبعية، وعندما يختلف حليفان يأتي من يعمل عن نقاط الخلاف لاحداث فتنة، اذا كان التحالف قائم بينهما قائم على قاعدة الثقة والمودة فاي خلاف لا ينسف التحالف ولا يفسد في الود قضية ولذلك منذ دخولنا الحياة السياسية نتعاطى بهذه الروحية، لاننا لا نأمر ولا نضغط على حلفائنا وهم يفعلون ما يقتنعون به"، مشيرا الى ان "هناك جهات سياسية هدفها الاستفادة من التنوع لايجاد شرخ وفتنة بين "حزب الله" و"التيار الوطني"، وبين "حزب الله" و"امل"، وبيننا وبين "المردة".

واوضح نصر الله ان "العلاقة بين "امل" و"حزب الله" على المستوى القيادي والشعبي هي اعمق واقوى واصلب من ان تنال منها كل هذا الفبركات السيئة التي يلجأ اليها البعض، ونحاول ان نتفاهم حول الملفات التي نختلف فيها ونتهم من قبل البعض انه توزيع ادوار، الا ان في الحقيقة ان رئيس مجلس النواب نبيه بري تفهم موقفنا ونحن تفهمنا موقفه، وعند ترشيح الحريري لرئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، نحن كنا قد التزمنا مع عون وبري و"امل" لديهم حيثياتهم ومعطياتهم واخذوا قرارهم بدعم فرنجية ولم يكن توزيع ادوار، وفي القراءة السياسية كان يحصل تفاوت بيننا ولكن في اي لحظة من اللحظات لم نشك ببعضنا وهذا يعزز الثقة من خلال الممارسة، نحن عندما نذهب الى الجلسة المقبلة سنهب متفاهيمن ومتفهمين، واي يكن خيارنا السياسي في الانتخاب وخيار "امل" هذا لن يفسد في الود قصية، على طول المسار الآتي سنكون اهل الصدق والوفاء وسنبقى كذلك".

وعبّر نصر الله عن تقديره لـ"تعاطي فرنجية الشريف معنا في هذا الاستحقاق منذ اعلان الحريري ترشيحه، ونقول له بالطبع كثرة الاخلاق جيدة".

وتوجه نصر الله الى قاعدة "التيار الوطني الحر" بالقول: "لا تسمحو لاحد ان يسيء للعلاقة بيننا وبينكم عندما يقولون ان "حزب الله" لا يريد عون للرئاسة، لانه عندما اخذنا ان موقفنا بدعم عون خرجت جهة معينة لتقول "حزب الله" لا يريد رئيس، وفي الايام الماضية زاد التوظيف السياسي"، مؤكدا ان "حزب الله لا يمانع وصول الحريري الى رئاسة الحكومة، مع العلم انها تضحية كبيرة من قبلنا، لاننا كنا نقول لعون نحن متلزمون معك ولم نقل يوما اننا ملتزمون بالحريري لرئاسة الحومة ولكن قبلنا حتى يتم الاستحقاق"، مضيفا "يمكنني ان استغل خطاب الحريري وانا لا تنقصني الحقائق ولا الادبيات وعندها ننسف الاستحقاق الرئاسي، الا اننا لم نتصرف كذلك ونحن نريد ان يصل عون الى قصر بعبدا"، مشددا على انه "عندما تعقد الجلسة كتلة "الوفاء للمقاومة" ستحضر الى الجلسة كاملة وتنتخب عون، واذا سمح لنا قانون مجلس النواب ان يفتح نوابنا الورقة ليرى المجلس كله اننا صوتنا لعون فليكن".

واشار نصر الله الى "ان الشهيد "الحاج علاء" بدأ مسيرته في الكشف وكان اب يمارس العطف والحنان، وفي مسيرته بالتحصيل العلمي كان جاداً ونشيطاً، وفي الجامعة العربية كان يتعلم ويتحمل المسؤولية وكان مسؤول التعبئة التربوية لطلاب "حزب الله" هناك، انهى دراستة في الجامعة وحصل على شهادة الهندسة الكهربائية والتحق بالمقاومة مجاهداً، لم يجبره احد وكان يستطيع ان يختار طريق آخر ولكن حاتم الشاب المسكون بالايمان والاحساس بالمسؤولية العام تجاه وطنه وشعبه ترك كل شيء ولم يذهب باجازته الجامعية الى اي شركة بل ذهب الى المقاومة والميدانية وعمل بالمجال الفني في المقاومة في الجبهة"، لافتا الى ان "الحاج علاء كان إبان حرب تموز المسؤول عن الدفاع الجوي للمقاومة، وعندما بدأت الحرب في سوريا كان لا بد من التوجه الى هناك لحماية لبنان والبقاع والهرمل وبعلبك والاهالي الذين كان يهددون بالقتل فكان الشهيد علاء من اوائل القادة الذين تواجدو في الميدان على الرغم من انه كان يحمل مسؤوليات كبيرة ومركزية لكنه ترك كل شيء وذهب الى الميدان وكان من القادة الاساسين الذين قاتلو في المعركة وابعدوا الخطر عن الحدود هناك، وبعدها بدأت معركة القلمون والخطر الآتي من هناك ومعامل تفخيخ السيارات التي ارسلوها الى البقاع والضاحية ولم يكن الحل ان نقوم فقط باجراءات امنية بل كان الحل الجذري ان نذهب الى هناك حيث المصانع التي ترسل السيارات المفخخة فكانت معركة القمون وكان الشهيد علاء من القادة الاساسين في هذه المعركة".

واكد نصر الله ان "كافة الشبكات الارهابية التي تم القبض عليها في الاشهر الماضية اعترفت انه كان يتم تشغيلها في الرقة وهذا يعني ان القاعدة الخلفية تراجعت الى الحد الاقصى وهذا لم يأتي بالمجان او بالبيانات بل بذلت من اجله دماء كثيرة من المقاومة والجيش واللبنانين وكان للشهيد علاء الادوار الاساسية"، موضحا ان "بركة دماء وتضحيات شهداء المقاومة والجيش هي التي جعلت لبنان ينعم بالامان ويجب ان نعرف فضلها ونشكر اهلها"، مضيفا "في الاسابيع الماضية كان الاحتدام الكبير في معركة حلب حيث تم جمع كل الجماعات المسلحة وجيء بحشود من الخارج عبر الحدود التركية وشنت هجمات واسعة على حلب صمد فيها الجيش السوري وحلفاءه وسقط شهداء ولكن تحققت انتصارات، وكنا قد ذكرنا ان هذه المعركة مصيرية لانه سيكون لها تداعيات عسكرية وميدانية واستراتيجية وسياسية، وكان من الضروري تعزيز الكادر بقادة آخرين في طليعتهم الشهيد علاء وهو قبيل الاستشهاد كان في طور تحقيق انجاز ميداني واشتهد وهو في الخطوط الامامية".

وشدد نصرالله على ان "حزب الله ذهب الى سوريا بإرادته دون طلب من احد بعد ان درس معطيات الحرب التي تخاض على سوريا والمجموعات الارهابية واهدافها، وعلى ضوء هذه الدراسة أُخِذَ القرار"، معتبرا انها "معركة البصيرة والايام كشفت الحقائق والمشاريع الخفية وبدأت تظهر اهداف الدول ومن سلح ومن مول ومن اتى بالمسلحين من كل بلاد العالم ومن يعطل المصالحة في سوريا".

ورأى نصر الله ان "يوما بعد يوم تبين ان المعركة لم تكن معركة اسقاط نظام هنا او هناك بل هي معركة كانت تستهدف احداث تغييرات ديمغرافية في الخريطة"، مشيرا الى ان "اداء تنظيم "داعش" واخواتها من "جبهة النصرة" وغيرها يؤكد ان هذا المشروع هدفه اقتلاع مجموعات معينة موجودة في المنطقة منذ مئات السنين، وليس فقط الاقليات الدينية بل حتى لدى السنة كان المطلوب الغاء كل من يعادي هذا المشروع"، لافتا الى ان "هذه الجماعات لا ضوابط لها بل هناك شريعة غاب وكل شيء مباح لها لتحقيق اهدافها".

وسأل نصر الله اين مجلس الامن ولجان التحقيق والعالم الاسلامي من القصف الذي استهد مجلس عزاء في اليمن؟ مضيفا "مئات الشهداء ولم يستطع احد ان يفعل شيء، هذه الحرب لا يوجد لها قواعد، فالعالم كله يدين "داعش" ويعترف بارهابها ثم تأتي الوثاق الاميركية للمرشحة لرئاسة الجمهورية هيلاري كلينتون التي تعترف فيها ان السعودية ودولة اخرى تدعمان "داعش" وتمولانها فهل هناك في العالم من يحاكم الدولة التي دعمت "داعش"؟"، مشددا على ان "هذه المعركة الموجودة في المنطقة لا تعالج بالحيادية والانهزامية بل تعالج بالحضور الحقيقي في المواجهة على جميع الصعد، ونحن سنواصل تواجدنا في هذا المعركة".

وأكد نصر الله "ان "حزب الله" يفتخر بالشهداء، وان من يراهن على تعبه وتعب عوائله فهو خاسر"، مضيفا "نحن سنواصل حتى نهاية الخط ولا يراهن احد على انكسارنا والحالة الوحيدة التي تعيدنا الى لبنان هو الانتصار في سوريا اي عندما ينتصر محورنا في سوريا ويسقط مشروع التقسيم والسيطرة حينئذ نعود كمقاتلين الى لبنان وبعدها نذهب الى سوريا كزوار، بعد ان الحقنا الهزيمة بالمشروع المقابل في العديد من الجبهات ولازلنا نتطلع الى الانتصار الحقيقي".