اعتاد رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون ان يقول عندما كان قائداً للجيش: الأمر لي. واليوم، ها هو يستعد، خصوصاً بعد خطوة ترشيح رئيس تيّار "المستقبل" النائب سعد الحريري له بشكل رسمي وعلني ان يقول: القصر لي. بغض النظر عن الموقف السياسي من الرجل الذي يتحضر ليكون رئيساً، فإنه جمع اضداداً مهمة في شخصه، فهو إذا تبوأ الرئاسة الاولى، سيكون أول شخصية لبنانية يتولى رئاسة حكومة (ولو انتقالية) و​رئاسة الجمهورية​ وهي ميزة لم يسبقه اليها احد وقد لا تتكرر ابداً، لان العرف حدد مذهب رئيس الحكومة بالسنّي ورئيس الجمهورية بالماروني. كما انه فعل في الفترة الاخيرة ما لم يتوقعه اي من مؤيديه ومعارضيه حين التزم سياسة "ضبط النفس"، وهو المعروف عنه سرعة انفعاله واعتماده لمفردات وتعابير عالية السقف وقاسية الوقع على من تستهدفه. مسيرة طويلة قطعها "الجنرال" ونجح فيها بتخطي العديد من المشاكل والصعوبات، وتبقى امامه عقبة واحدة لتخطّيها وهي انه حالياً رئيساً للجمهورية على الورق ووفق الحسابات، في انتظار الجلسة النيابية التي ستعلنه رسمياً رئيساً للبلاد. موعد هذه الجلسة بات موضع اخذ ورد، فمنهم من يؤكد انه بتاريخ 31 تشرين الاول الحالي سينتهي عهد الفراغ في بعبدا، ومنهم من يقول ان الموعد سيؤجل بعض الوقت لاتمام بعض المصالحات او اعطاء بعض التطمينات الضرورية. ولكن مصادر مطلعة جزمت بأن لا نيّة للتأجيل، ليس من قبل عون او من قبل الحريري، انما من قبل حزب الله. وتضيف المصادر ان الحزب ليس في وارد الوقوع في معمعة جديدة في الشأن الرئاسي قد تطرأ بسبب موعد الانتخابات الاميركية التي ستجرى في الثامن من الشهر المقبل، وبمجرد اجرائها سيتم تجميد كل الامور في المنطقة وبالاخص الشأن الرئاسي اللبناني، وستكثر المحاولات المحلية والخارجية لتوجيه دعوة صريحة للاميركيين للتدخل والتعاطي مع الامور وفق النظرة الجديدة للادارة الاميركية الجديدة (ادارة الرئيسة هيلاري كلينتون وفق ما هو متوقع). وفي حين سيأخذ الرئيس الجديد وقته للاعتياد على ادارة المشاكل في المنطقة، والبدء بجذب الحبال مع روسيا وايران، سيبقى لبنان تحت وطأة هذا الترقب القاتل الذي سيؤثر دون شك على وضعه السياسي، وسيكون الحزب بالتالي تحت وطأة همّ جديد للتوفيق بين القوى اللبنانية في ظل الخلافات المستحدثة التي انتجتها مسألة الانتخابات الرئاسية والتي قسمت طرفي 8 و14 آذار وخلقت تحالفات جديدة شتّتت الاتجاهات والبوصلة السياسية للعديد من الاحزاب والتيارات. وسيكون الواقع اللبناني الجديد اكثر سواداً مما هو عليه حالياً ( من وجهة النظر السياسيّة والاقتصادية طبعاً)، وهو امر لن يساعد الحزب ولا عون، كما انه لن يكون بالضرورة عاملاً مساعداً للآخرين، اذ سيجد الجميع نفسه مضطراً للقبول بتسويات لن يستسيغها انما سيلتزم بها كونها ضرورية لاكمال الصورة الشاملة للمنطقة بعد معركتي الموصل وحلب. من هنا، تشدّد المصادر على ان الحزب من اكثر المستعجلين لاجراء الانتخاب الرئاسي في موعده المقرر دون اي تأجيل، وانه عمد الى فتح الخطوط بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وعون لتأمين الارضية المناسبة لاطلاق حوار بينهما يسقط جدار الفصل الذي وضع قسراً، والذي كان يهدد بافشال مساع حثيثة بذلت واخذت جهداً كبيراً لايصال الامور الى ما هي عليه اليوم. وكل هذه المواقف تحدث عنها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه امس، وقالها بكلام دون مواربة او غموض. ان استعجال الحزب، لا يعني ابداً عدم استعجال عون والحريري ولكن الخطى السريعة لهما متوقعة في ظل ما يحملان من مشاكل واهداف كل وفق منظاره، وموعد 31 تشرين الجاري هو بالنسبة الى المصادر مفصلي، وان تأجيله غير مطروح لان المطلوب اصدار الدخان الابيض من ساحة النجمة، وبالتالي سيقول عون فيه: القصر لي.