لن يكون بمقدور احد ان يجزم ان رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون سيُنتخَب رئيساً للجمهورية إلا بعد ظهر يوم الاثنين المقبل، عندما تنتهي جلسة انتخاب الرئيس المقرّرة في المجلس النيابي، وينال الأصوات المطلوبة لانتخابه رئيسا للبلاد.

وإذا كانت المعطيات المتوفرة حتى الآن تشير إلى أنّ عون سيكون نظرياً الرئيس المقبل بعد عامين ونصف تقريبًا من الفراغ الرئاسي، فإنّ مصادر نيابية وسياسية متابعة لاحظت ان المعترضين على وصول عون الى رئاسة الجمهورية، باستثناء رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي لن يقترع وكتلته لعون، لا يزالون يشككون بالمواقف المؤيّدة للجنرال التي اعلنها رئيس تيّار "المستقبل" ​سعد الحريري​، وبإمكانية التئام الجلسة واحتمال تأجيلها.

وصنفت المصادر المعترضين بأنهم من النوع الذي يبني توقعاته على التمنيّات وليس على وقائع، فبينهم مسؤولون سابقون كبار يدعون بأن المملكة العربية السعودية لم تعط موافقتها على خيار الحريري، وان زيارة الحريري الأخيرة الى الرياض هي استدعاء لتعبّر له عن رفضها وصول عون الى الرئاسة، ومنهم من يصدق ان تأجيل الجلسة احتمال كبير، وآخرون يربطون عدم حصول جلسة انتخاب رئاسية بأحداث امنية معينة.

وتؤكد المصادر ان كل هذه الامور لا أساس لها من الصحة ولا تمتّ الى الواقع الذي نعيشه بصلة، وان المعطيات المتوفرة تشير الى انتخاب عون، وان كانت نسب الأصوات التي سينالها تتأرجح بين النصف زائداً واحداً والثلثين.

وتعترف المصادر بأن انطلاقة لبنان السياسية لن تبدأ مع انتخاب الرئيس بل هي ملتصقة التصاقا تاما بتشكيل حكومة العهد الاولى التي سيتولى سعد الحريري تشكيلها.

وتقول المصادر ان هذه الخطوة تواجه عقبات وهذا جزء من المشهد السياسي اللبناني منذ حصول هذا البلد على استقلاله، وتختلط فيه الامور والقضايا الكبرى مع مطالب التوزير الصغيرة، مشيرة الى انه مهما يكن هذا المخاض سهلا او عسيرا فلا بد من ان ينتهي بخواتيم إيجابية تؤدي الى قيام حكومة العهد الاولى.

ورأت المصادر ان نجاح عهد الجنرال الرئاسي يبدأ بأن يطبق سيده معظم إن لم نقل كل المبادئ التي كان ينادي بها خلال مسيرته السياسيّة.

في هذا السياق، تعتقد المصادر أنّه على رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" ان يأتي بطاقم غير فاسد وصاحب سيرة ذاتية نظيفة يعاونه في تسيير أمور الرئاسة بجميع اشكالها، خصوصا ان المواطن اللبناني وانصاره قبل الخصوم يتوقعون منه الكثير للنهوض بلبنان، لاسيما وانه الرئيس الذي أتى من رحم هذا الشعب الذي وثق به وبخطه السياسي.

وبالرغم من تسليم المصادر بأن السياسة هي فن الممكن، فإنها لا يمكن لها ان تتصور ان عون يغض الطرف عن أصحاب الصفقات، وألاّ يحارب الفساد ومخالفة القوانين، وتطبيق الدستور، وهذ امور طالما اعترض عليها طيلة حياته السياسية.

ولا ترى المصادر ضررا في محاولة العهد الجديد تأمين محاكمات عادلة لكل متورط او فاسد كخطوة لردع اصحاب النزوات الذين يطمحون لجمع ثروات على حساب الدولة والنَّاس.

واعترفت المصادر ان تحقيق مثل هذه الامور تتطلب تعاونا من الحكومة او الحكومات التي ستتشكل في عهده خصوصًا وان صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة ولا يمكنه تحقيق الإنجازات إلاّ بالتعاون بين القصر الرئاسي والسراي الكبير وساحة النجمة.

ولاحظت المصادر ان عون وبعكس الرؤساء السابقين، سيكون له حضور مميز من خلال تيّاره السياسي في المجلس النيابي، وهذا سيكون عاملا مساعدا اذا ما أحسن تياره اختيار الاشخاص الذين سيمثلونه في المجلس النيابي المقبل.

وخلصت المصادر إلى القول ان التفاهمات التي تمت بين عدد من المكوّنات الاساسيّة والتي ستؤدي الى وصول عون الى سدة الرئاسة، كفيلة بتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية دون أضعاف قدرات هذا البلد الدفاعية في الداخل وعلى الحدود، مع ما يعني ذلك من تنسيق وتفاهم كامل مع القوة العسكرية لـ"حزب الله" التي يعتبرها الجنرال أساسا في حماية لبنان من الأطماع الاسرائيلية وفي محاربة الهجمة التكفيرية على لبنان ودول المنطقة.