لا تبدو الايام والساعات التي تفصلنا عن الجلسة التي من المتوقع أن ينتج عنها انتخاب رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، طويلة بالنسبة للفريق المقرب من الجنرال والذي ينكب على مدار الساعات على التدقيق بأصغر تفاصيل المرحلة، بدءا بالمشاورات واللقاءات الواجب اتمامها قبل جلسة الاثنين لتأمين أكبر عدد ممكن من التأييد النيابي سعيا وراء زخم يطبع انطلاقة العهد الجديد، مرورا بالسيناريوهات التي قد تشهدها هذه الجلسة وكيفية التعاطي مع كل منها، وصولا لوضع اللمسات الأخيرة على الطاقم الذي سيتولى ادارة القصر الجمهوري في بعبدا خاصة وأن عمله سيبدأ باكرا جدا نظرا الى مهمة اولى على الارجح سيتولاها يوم الاثنين مع توافد عشرات آلاف المناصرين الى القصر لاستقبال عون الذي ينتقل الى مرتبة رئيس البلاد.

وتماما كما تعاطى العماد عون وفريق عمله على مدى سنتين ونصف بنفس طويل والكثير من الصبر والتأني في الحركة واطلاق المواقف، ها هم يستكملون هذه السياسة رافضين استباق الأمور وحرق المراحل. وفي هذا السياق تقول مصادر الرابية ان التركيز حاليا ينصب على جلسة يوم الاثنين والسيناريوهات التي يُعد لها أخصام العماد عون والذين ينشغلون اما بمحاولة قذف عملية انتخابه الى جلسة لاحقة من خلال طرح امكانية فرط النصاب وخاصة في حال تم عقد دورة ثانية، أو بالسعي للحد قدر المستطاع من الاصوات التي سينالها الجنرال، وذلك من خلال توحيد كلمتهم وخيارهم والأرجح الذي سيصب لمصلحة التصويت لرئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​. وتشير المصادر الى جهود كبيرة يبذلها لتحقيق هذا الهدف رئيس المجلس النيابي نبيه بري، مؤكدة انّه تمت دراسة كل الخيارات المتاحة أمامه بتأنٍّ، وهي بشكل قاطع غير قادرة على التأثير على الهدف الاستراتيجي بانتخاب العماد عون رئيسا.

وترفض المصادر رفضا قاطعا الخوض بالاسماء التي ستكون جزءا من طاقم ​قصر بعبدا​، لافتة الى ان الموضوع لا يزال Top secret، وهو سيظل كذلك أقله حتى نهاية الاسبوع الجاري. وتضيف: "أما الاسماء التي تم تداولها في بعض الصحف وعلى بعض المواقع، فلا تمت للحقيقة بصلة". وتنفي المصادر كذلك ما تم الترويج له لجهة الوزارات التي ستكون من حصة العماد عون، مؤكدة ان الموضوع لم يُبحث لا مع رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري ولا مع رئيس حزب "القوات" ​سمير جعجع​. وتقول: "أصلا هذا الملف ليس أولوية بالنسبة لنا، خاصة وأن الجنرال جاهز لأن يعطي من جيبه خاصة لمن ساهم باعادة الحق لأصحابه... وهو سيتعاطى معهم وفق المنطق اللبناني القائل: "اللي بشوفني بعين بشوفو بعشرة!" الا أن ذلك لا يعني، بحسب المصادر عينها، أنّه لن يكون للعماد عون كرئيس للبلاد حصته الوزارية، كما لرئيس التيار الوطني الحر الوزير ​جبران باسيل​ حصة أخرى، لافتة الى أنه عُرف كرسوه في الحكومات السابقة وينبغي أن يستمر! وتضيف: "قد يلجأ الجنرال لتوزير شخصيات غير حزبية فيما يتولى الوزير باسيل توزير حزبيين من حصة تياره".

وكما هو متوقع، الأرجح أن يحصل رئيس "القوات" سمير جعجع على "حصة الاسد" في الحكومة المقبلة، اذ تؤكد المصادر أن العماد عون والدكتور جعجع "لم يعودا يتعاطيان مع بعضهما البعض وفق منطق تقاسم الحصص، فهما الآن فريق واحد، وحصص اي منهما هي تلقائيا حصص الآخر"، قائلة: "حان وقت استعادة ما أُخذ منا على مر السنوات الماضية".

وفيما ترجح الرابية أن يشارك بري بالحكومة المقبلة رغم تلويحه باللجوء الى صفوف المعارضة، تقول المصادر: "بري كالسمكة التي لا تستطيع ان تعيش خارج المياه... فهو لا يستطيع أن يعيش خارج السلطة. نتوقع أن يبقى في "الاكواريوم" لكنه هذه المرة سيأخذ حصة تماما كما باقي السمكات".

واذا كان النائب سليمان فرنجية فاجأ العماد عون باطلالته الأخيرة لجهة استمراره باطلاق النيران من دون تردد باتجاه الرابية، حتى بعدما حُسمت الأمور، الا ان مصادر الرابية تؤكد ان الجنرال يتفهم تماما الوضع الذي هو فيه والذي لا يُحسد عليه، لافتة الى ان الرئيس المقبل للبلاد سيترك حصة كما جرت العادة لرئيس "المردة" في الحكومة، الا اذا ارتأى هو البقاء خارجها.

وبانتظار التوقيت الذي سيحدده رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط لاعلان تأييد ترشيح الجنرال، تستبعد الرابية أن يكون لـ"الكتائب" موقف مماثل.

اذا، هي استعدادات ربع الساعة الأخيرة، التي يسعى المقربون من عون لأن تكون على مستوى الحدث المنتظر، حيث يلامس العونيون أحلامهم!