ظرفاء هم اولئك الذين ينظّرون لـ«الأسباب الموجبة» التي دفعتهم الى توقع وصول العماد عون الى سدّة الرئاسة. والواقع أنّ معظم هؤلاء كانوا ينظّرون لِـ«الأسباب الموجبة» (الأخرى) التي تحول دون وصول الجنرال الى ​قصر بعبدا​. كان بعضهم ينفخ أوداجه، وهو يتحدث بصفة «محلل سياسي» أو «خبير إستراتيجي» أو سائر هذه التوصيفات السخيفة التي إن دلّت على شيء فإنما تدل على سهولة إغداق الألقاب على هذا وذاك من دون أي مبرّر علمي أو تقني أو حتى عرفي! نقول: كان بعضهم ينفخ أوداجه لينظّر لماذا أو كيف ان الجنرال عون غير وارد في الرئاسة. وكان الواحد من هذا البعض يدّعي حيناً أن معلوماته مستقاة من ذلك الوزير خارجية هذا البلد أو تلك المملكة... ويزعم حيناً آخر قائلاً: أنا كنت الأسبوع الماضي في باريس... أو في نيويورك أو حتى في موسكو، ناهيك بالرياض وطهران وحتى دمشق الخ... ولا يتردد في أن يضيف: وقد التقيت هناك بمسؤولين كبار (كبار؟! إيه؟!.)وأكدوا لي أن الكرملين لا يريد عون وقد أوفد بوغدانوف ليبلغ من يعنيهم الأمر بأنه لا يوافق على عون... وأن سعد الحريري تبلّغ هذه الرسالة مباشرة في الكرملين (...) أو أنّ «اصدقائي» في الكاي دورسيه قالوا لي «جازمين» (لينتبه القارىء الى كلمة «جازمين») أن فرنسا لن تقبل بوصول الجنرال الى الرئاسة (...) وهكذا حدّثهم أصدقاؤهم وخلاّنهم في واشنطن ولندن وبروكسل الخ...

ولم يكتف البعض بالإدعاء المسنَد الى الشاهد البعيد... بل ادّعى انه سمعها من أعلى القيادات في حزب اللّه، ولولا بعض «الخوف» لزعم أنه سمعها من سماحة السيد حسن نصراللّه! والخلاصة: إنّ حزب اللّّه لا يريد عون رئيساً. نحن نعرف أن أخصام «الحزب» كانوا يقولون مثل هذا الكلام في السياسة، أمّا أن يدّعي هذا «الخبير الإعلامي» وذاك المحلّل السياسي ان حارة حريك لا تريد عون وطهران لا تريده ودمشق واضعة يتو عليه يلتقي مع اليتو الآخر المزعوم سعودياً... أمّا هذا الإدعاء فأقل ما يُقال فيه انه إمتهان لذكاء المتلقي سيان أكان قارئاً أو مستمعاً!

ومع ذلك فمثل هؤلاء كانوا «نجوماً» على شاشات التلفزة وأثير الإذاعات مع حمولة كبيرة من الألقاب والأوصاف التي لا علاقة لها بواقع أصحاب العلاقة!

وبعض التحليلات يدعو الى الشفقة على أصحابه، وعلى واقع إعلامي في لبنان! ولو عدنا الى الأشهر الخمسة الماضية (ولا نطلب العودة الى أبعد) وقارنا بين ما كان يصدر عن المنظرين و«الخبراء» و«المحللين» وما يصدر عنهم اليوم لكان أضعف الإيمان أن نردد كلام شاعرنا الكبير سعيد عقل عن جماعة «الموهوبين تفاهة».

ويسألونك: لماذا ترفض أنت «التمتع» بهذه البهرجة الإعلامية؟!