تشير المعلومات والمعطيات المتوفرة من السراي الكبير الى ان رئيس حكومة "المصلحة الوطنية" ​تمام سلام​ لن يبقى في مكاتب رئاسة الحكومة بعد يوم الاثنين المقبل وانه سيمارس تصريف الاعمال من منزله في المصيطبة.

وتتابع مصادر سياسية متعاطفة مع سلام انه يجب الاعتراف له ولادائه طيلة فترة حكمه، بصبره وبما تحمله من الجميع، حيث أنقذ الجمهورية والمؤسسات من الانهيار، وتحمل ما لا تتحمله الجبال في سبيل المحافظة على الاستقرار، وان حياده الإيجابي بين جميع الكتل ساعد في عدم انهيار البلد، واعتبار هذه السياسة هي التي اوصلت لبنان الى الخاتمة السعيدة، التي بدأت ملامحها بالتوافق على رئيس للجمهورية الذي سيتكلل بالنجاح اذا لم يحصل شيء خارق للعادة بانتخاب الرئيس الاثنين المقبل.

لكن مصادر نيابية رأت ان قرار سلام بتصريف الاعمال من منزله اذا ما نفذ، يكون خطأ آخر، يضاف الى الخطأ الكبير الذي ارتكبه عندما اختار صيغة الإجماع الوزاري داخل مجلس الوزراء حيال القرارات الكبرى خلافا للدستور الذي ينص على الاقتراع في حال عدم توافر الاجماع.

وتعتقد المصادر نفسها انه اذا كان رئيس الحكومة يرى في قراره مزاولة تصريف الاعمال من منزله دليلاً على زهده في الحكم، فإنه في الوقت ذاته يقلل من هيبة هذا المركز، أكثر بكثير من اعترافه علنا وامام جميع اللبنانيين بأن حكومته كانت أفشل حكومة في تاريخ لبنان.

وتعترف المصادر بأن وصول سلام الى رئاسة الحكومة يعود الى توافق الكتل النيابية الاساسية، دون أنْ يكون له شخصيا أيّ خلفيّة او حضور نيابي يستطيع معه التحكم بمسار عمل حكومته.

واستذكرت المصادر كيف ان رئيسا سابقا للحكومة رفض ان يكون هذا المركز صندوق بريد او منبرا تعتليه القوى السياسية لممارسة المماحكات في ما بينها.

وعددت المصادر المشاكل التي واجهت حكومته من جراء هذه الصيغة والتي عطلت إبرام او إقرار العديد من الملفات التي تهم مصالح المواطنين، مشيرة الى ان اكبر وصمة عار على حكومة سلام هي أزمة النفايات التي ما زالت تتفاعل، والتي لم تشهد الدولة اللبنانية مثيلا لها منذ الاستقلال، وهذا يعود الى تخلّي سلام عن صلاحياته كرئيس للحكومة تاركا لمكونات وزارته التلاعب بالملفّ كما تشاء، مع ما رافق ذلك من روائح للعمولات والفساد في ملف صرفت الدولة اللبنانية الملايين في سبيله، ولم تتمكن من معالجته بشكل جذري وشفاف.

ولاحظت المصادر كيف أنّ رئيس السلطة التنفيذية، والمكلّف بوظيفة رئيس الجمهورية بالوكالة نظرا للشغور الرئاسي، لم يمارس دوره كاملا ولجأ الى رئيس السلطة التشريعية الّذي من المفترض أن يكون المراقب والمحاسب لأعمال الحكومة لإنقاذه من المطبّات التي كانت تهدد استقرار حكومته. أما المزحة الكبرى الّتي سجّلتها المصادر على سلام هي تهديداته بالاستقالة، في كل مرة تكون حكومته في أزمة داخليّة مع علمه علم اليقين انه غير جدّي بهذه التهديدات اضافة الى انه لا يوجد صيغة قانونية لتنفيذها.

وفي الملفات الأمنية الكبرى وخصوصًا ما حصل في عرسال وتمكن الإرهابيين من خطف عدد من العسكريين الذين ما زال بعضهم رهائن، تترك المصادر للتاريخ أن يحكم على اداء سلام وحكومته في هذا السياق الّذي دار حوله الكثير من الجدل في ما خَصّ المسؤولين السياسيين وتورّطهم بما حدث.

يبقى ان سلام وبحسب المصادر نفسها كان في كل جلسة من مجلس الوزراء يشدّد على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، وهو يستعدّ للسفر من بلد الى آخر وفي بعض الأوقات في عزّ الأزمات، ليمثّل رئيس الجمهورية في المؤتمرات والندوات الدولية لا سيّما تلك المتعلّقة بالنازحين السوريين دون ان تأتي هذه الزيارات بنتائج ملموسة.

وخلصت المصادر الى تساؤلات عما اذا كانت حكومة "ربط النزاع"، بين القوى السياسية التي شاركت في حكومته يعني بالضرورة ان يتخلى رئيسها عن صلاحياته تاركا الامور الى نزوات الوزراء ورؤساء الكتل النيابية؟!