يسود الاعتقاد دولياً ان الرئيس الأميركي المنتخب ​دونالد ترامب​ سيفشل في قيادة المعارك العسكرية والسياسية الخارجية. يستند هؤلاء الى سببين. الاول هو تركيز ترامب على الهموم الداخلية للولايات المتحدة. الثاني تقلبات الرئيس المنتخب التي بدت في تعامله مع القضايا الإستراتيجية لحلفاء واشنطن، وفي الطليعة اسرائيل، بين ناقد لأدائها ودورها تارة خلال حملته الانتخابية، ثم منبطح أمام طلباتها لاحقاً.

أمام الادارة الاميركية العتيدة تحدٍّ واضح. لا يبدو ان ترامب سيتراجع فيه. هو بحاجة لتحقيق ما عجز عنه الرئيس الحالي باراك اوباما. من هنا يأتي التنسيق بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. فالعهد الجديد يريد التأكيد للاميركيين ان الادارة التي سبقته فشلت في سوريا والعراق. يستند ترامب الى الموصل تحديداً، حيث عجز الأميركيون عن حسم المعركة. وهو يسعى لتحقيق إنجاز ضد تنظيم "داعش" في معقله أي الرقّة، وهو على يقين تام بضرورة التنسيق مع روسيا في هذا الشأن، ولكن لا يريد أن يكون تحريرها عبر الجيش السوري وحليفه ال​إيران​ي بل عبر الجيش التركي، ما يعني ان ترامب يطمح لتركيب معادلة جوّ روسي-برّ تركي. يبدو ان هناك من يتفاعل عنده بهذا الطرح مع الطرفين الروسي والتركي وهو الجنرال مايكل فلين. ما يجري في حلب بإطلاق يد السوريين يؤكد وجود ضوء اخضر ترامبي للتخلص من مسلّحي الشهباء. لذلك تأتي العملية العسكرية السورية-الروسية في حلب للحسم هذه المرة وفق دفع أو غض نظر دولي.

ومن هنا فإن المرحلة المقبلة حاسمة في سوريا لجهة ما تفرضه المتغيرات الاميركية والتنسيق بين واشنطن الجديدة وموسكو. لكن هل يقتصر الامر عند هذه الحدود الميدانية؟

يبدو ان عصر ترامب سيكون محكوماً بالتعاون مع روسيا على كل صعيد. الاسرائيليون يبنون على أساس تلك العلاقة لتوظيفها في مصالحهم، و"للحدّ من تمدّد مصالح ايران في المنطقة". الفلسطينيون يعوّلون على دور روسي يساهم في تعزيز فكرة حل الدولتين، وهم يستندون الى تصريحات او نوايا ترامبية سابقة. الايرانيون يخشون تنفيذ الخطابات التي وعد فيها ترامب جمهوره بنسف الاتفاق النووي. لكن طهران ترتبط بعلاقات ممتازة مع الروس وغيرهم، وهي وضعت كل الأمور في حساباتها. الفرنسيون كما حال كل الأوروبيين يريدون مشاركة وحصصا لهم من "الغنائم" التي يحصدها الأميركيون في العالم.

كل الساحات ستتأثر. سيكون ترامب محكوماً بضرورة التوافق مع الإيرانيين. لا يستطيع ان يمتنع عن خوض الحروب، وبذات الوقت يفرض سيطرته الدولية. الايرانيون أصبحوا في اليمن وسوريا والعراق، ونفوذهم العسكري يمتد في البحار المحيطة بتلك الدول. لا يمكن لترامب ضرب الإرهاب من دون التعاون مع الروس والايرانيين بالذات. واذا كان مستعداً لفعل ذلك مع موسكو، فهو مضطر عاجلاً أم آجلاً لإيجاد خطة تعاون وتنسيق مع ايران، ولو كانت القناة بينهما روسية.

بالمحصّلة، إنّه الزمن الروسي والإيراني، وخصوصا في الشرق. على الجميع وأوّلهم ترامب التسليم بذلك.