تابعت من مقر إقامتي في الولايات المتحدة الأميركية بعضاً من الحلقة التلفزيونية التي بثتها إحدى المحطات التي تدعي أنها تحمل اسم المسيح وتعرف بتلفزيون Christ TV . عنوان هذه الحلقة التي عُرضت في سياق برنامج "أجنحة النسور" كان: "خدعة ​القديس شربل​ وعجائبه الشيطانية المرتبطة بالدم".

بداية قلت إنني تابعت أجزاء من هذه الحلقة التلفزيونية، أو هذا التحريض الهدّام، لأنه لا يمكن لأي امرئ عاقل إلى أي دين انتمى أو حتى إذا كان ملحداً، أن يصدّق ما شاهده من حملة شعواء وافتراء وتحريض، ليس فقط على القديس شربل –طيّب ذكره– بل على ​الكنيسة الكاثوليكية​ إلى حدّ وصفها بأنها كنيسة شيطانية! وإلى درجة وصلت بمذيعة هذه الحلقة إلى القول والنطق بالكفر علناً عندما أشارت في إحدى الفقرات إلى أن "مسيح الكنيسة الكاثوليكية هو المسيح الكذاب". وبوقاحتها المبتذلة تقول أيضاَ "إن مريم الكنيسة الكاثوليكية لا تمت بصلة إلى أمنا العذراء".

إن الاستشهاد ببعض ما جاء في هذه الحلقة من تعابير واستهداف وتجريح يبرهن بالفعل أنها أفعال الجحيم والشيطان، فلا يُعقل لشخص بشري عاقل، أن ينطق بما نطقت به هذه المحطة التي أظهرت أنها تقوم بحملة شيطانية لاستهداف الكنيسة وقدّيسيها على مذبح الرب، لغايات في نفس يعقوب حتى أن مذيعة هذا البرنامج نفسها تعترف في الحلقة ذاتها أيضاً وأيضاً، أنها تشنّ حملات على القديسين ومنهم القديسة تيريزا، والقديسة فيرونيكا، وأن هناك من سألها متى يأتي دور القديس شربل؟

إذاً تسقط كل محاور الحلقة من أي تقييم علمي وبحث لاهوتي أو حتى فلسفي، عن معنى القداسة في الكنيسة الكاثوليكية وفي غيرها من الكنائس، لتغوص في تعابير مبتذلة هدفت فقط لتشويه صورة المسيح والكنيسة والرسل والقديسين، وكأننا أمام مشهد شيطاني بالفعل يتحدّى الله ورسالته بين الأمم جمعاء.

فاقرأوا، ولا تشاهدوا ادعاءات هذه المذيعة وأنظروا وتمعّنوا بزيفها وهي التي قالت بالفم الملآن، "إن القديس شربل كان في زنزانة" وهي تقصد أنه كان في السجن، وتتجاهل تماماً وعن قصد معنى الاستحباس والانصراف للصلاة والتأمل، فالمسيح الذي تقول إنها تدافع عنه وتأخذ بأقواله، صعد إلى جبل الزيتون وابتعد عن تلاميذه وركع يصلي لوحده، وهكذا وعلى خطى المسيح، دخل القديس العظيم شربل محبسة مار بطرس وبولس في عنّايا، وبدأ الصلاة والتأمّل بخياره وقراره الحرّ، قديس لبنان لم يكن في زنزانة أبداً ومطلقاً، بل فتحت أمامه أبواب السماء وأصبح قديساً على مذبح الكنيسة الكاثوليكية بقوة الروح القدس.

بئس هذا الزمن الذي يدّعي البعض أنه يقوم بإعداد حلقات متلفزة مستنداً كما يقول إلى ما جاء في الكتاب المقدس، ولكننا أمام قول المسيح ووصيته ثابتون في إيماننا وراسخون في عقيدتنا، ونسير بهديه، ونوجه هؤلاء وكل من يدعون التحدث باسم المسيح من جديد لقراءة ما جاء في الكتاب المقدس حقيقة: "بينما هو جالس على جبل الزيتون، تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلين: قل لنا متى يكون هذا؟ وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر؟ فأجاب يسوع وقال لهم: انظروا لا يضلّكم أحد"، ويضيف إن "كثيرين سيأتون باسمي قائلين: أنا هو المسيح ويضلّون كثيرين وسيقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين ولكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فإنه يخلص".

في النهاية، نحن في طريق الخلاص، وكل الذين يُجدّفون على الروح القدس نحو الهلاك، ولن نسمح أبداً لمثل هذه الأبواق الضّالة أن تستهدف الكنيسة الجامعة وقديسيها، وأختم مع آية لربّنا يسوع المسيح عزّ وجلّ، إن "مملكتي ليست من هذا العالم ولن تقوى عليها أبواب الجحيم".