غدا او بعد غد او خلال أسبوع او شهر، سيشكل رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ حكومته مع أرجحيّة ان تكون حكومة وحدة وطنية تتمثل فيها كل القوى، باستثناء من يقرر عدم المشاركة ويفضل خيار المعارضة.

ورأت المصادر المتابعة لعملية التشكيل أن احتمال بقاء الثنائي الشيعي "حزب الله" وحركة "أمل" خارج الحكومة المنوي تشكيلها خيار مستبعد، ولا يستوي مع صيغة الوحدة الوطنية والميثاقية التي هي العنوان الرئيسي لمعركة التيار "الوطني الحر" والرئيس الحالي للجمهورية العماد ميشال عون، كما ان تلبية كل مطالب رئيس المجلس النيابي نبيه برّي للمشاركة لا تبدو واقعيّة وممكنة خصوصًا في ما يتعلق بتسمية وزراء مسيحيين.

ولاحظت مصادر نيابية مسيحيّة، انه ولأول مرة منذ ​اتفاق الطائف​ هناك توجه بأن يختار المسيحيون وزراءهم في الوقت الذي كانت فيه باقي الطوائف تختار لهؤلاء من يمثلهم في السلطة.

واعتبرت المصادر نفسها ان تحقيق هذا الأمر هو باكورة المطالَب المسيحيّة، والذي ربما يكون سببًا أساسيًّا من أسباب تعثر التشكيل، تضاف اليه العقد الاخرى التي تتراوح بين نيل حقائب من هنا وهواجس من هناك لدى معظم القوى السياسية اللبنانية، مشيرة الى ان هذه إلوقائع لن تحول دون ولادة حكومة جديدة.

وتقول المصادر، يبقى في هذا الإطار معرفة مدى صحة ما يتردد من ان الاتفاق بين تيار "المستقبل" والتيار "الوطني الحر" على اجراء الانتخابات النيابية المقبلة على أساس "قانون الستين"، وانه جزء من التفاهم بينهما على إنهاء الشغور الرئاسي، وعمّا إذا كان هو ما يؤخر الولادة الحكوميّة، وتشير الى ان هذه الفرضيّة ستثبتها او تنفيها الأسابيع القليلة المقبلة، حيث ان صدور مرسوم التشكيل قبل نهاية العام سيكون المؤشّر بان قانونا جديدا للانتخابات سيرى النور، وستجري الانتخابات على اساسه في الموعد المحدد، وان عدم صدوره في مهلة معقولة سيؤدي حتما الى انتخابات على أساس "الستّين"، خصوصًا وان الحكومة التي ستتشكل بعد هذه الانتخابات ستكون أولى حكومات العهد، والتي من المفترض ان تتصدى لكل المعضلات وفي طليعتها قانون انتخابات جديد وبدء الورشة الإصلاحيّة، وفي الحالتين لن يتمّ تأجيل الانتخابات، وان كان ذلك سيكون مادّة دسمة لجدل سياسيٍّ بين القوى والأحزاب المختلفة.

لكن مصادر سياسية ترى ان لُبّ المشكلة يكمن في هواجس رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والذي يحاول ان يقنع بها حليفه "حزب الله"، وهي قيام تحالف سنّي-ماروني يدور في فلك الغرب ودول الخليج العربي، يعمل أولا، على إضعاف الشيعة داخليا عبر تحالفات نيابيّة تستطيع انجاز قوانين تعارضها، او لا تستسيغها القوة التي كان لها الكلمة الفصل في فترات ما بعد اتّفاق الطائف. وثانيًا، على تحوّل في السيّاسة الخارجيّة للبنان التي يريدها "حزب الله" الى جانب المحور السوري-الإيراني-الروسي، في وقت يعمل شريك مسيحي في الحكم وهو "القوات اللبنانية" على ان يكون بعيدا عن هكذا محور او على الأقلّ يبقى في صيغة النأي بالنفس.

ولفتت المصادر الى ان توجهات رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري ما زالت كما هي، أيّ الاستمرار في الوقوف الى جانب المعارضة السوريّة وإن كان يندد بالارهاب وإلارهابيين، إضافة الى معارضته الشديدة لسلاح "حزب الله" وقد عبر عنها في كلمته خلال مؤتمر تيّار "المستقبل" الذي انعقد نهاية الاسبوع الماضي، وان كان هذا الموقف هو في صلب عدّة عمل تيّاره منذ بداية اندلاع الأزمة السورية وحتى ما قبلها لاستنهاض الشارع السني.

وتؤكد المصادر ان ردّة فعل رئيس الجمهورية ميشال عون على عملية الجيش اللبناني في عرسال ضد "داعش" والتي أبرزتها قناة "المنار" أكثر من أي وسيلة إعلامية أخرى، تعكس اليقين لدى "حزب الله" من أن مواقف الرئيس حيال هذا الملف لن تتبدّل، وان هذا يشكل ضمانة تدحض تلميحات البعض حيال احتمال قيام تناغم بين العهد الجديد والقوى المعادية لـ"حزب الله".

في الخلاصة، يبقى أن العلاقات الشخصية بين عدد من المسؤولين هي ظاهرة تتبدّل مع تبدّل الظروف، حيث اشارت المصادر الى التطور الذي حصل بين مكونات تيار "المستقبل" وانصار التيار "الوطني الحر"، لكنها لن ولم تكن في يوم من الأيّام عاملا أساسيًّا أمام تفاهمات سياسيّة ممكنة.