لا شك أن ما تتداوله وسائل الاعلام منذ نهاية الاسبوع الماضي لجهة توتر العلاقة بين حزب الله و"التيار الوطني الحر" كما بين الحزب ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي بلغ ذروته بافتتاحية احدى الصحف، طرح أكثر من علامة استفهام حول حقيقة ما يتردد خصوصًا وأن أي شيء رسمي لم يصدر عن الطرفين وظلت الأخبار المنشورة باطار التحليلات وان أمكن القول "رغبات" البعض. ويشبه هذا الجو ذلك الذي أشيع قبل أسابيع من انتخاب العماد عون رئيسا حين اتُهم حزب الله بالسعي لتعطيل عملية الانتخاب لأن ما يريده حقيقة استمرار الفراغ. التزم الحزب بوقتها بوعده للجنرال، حضر الجلسة النيابية الشهيرة وصوّت له، ليتخطى الحليفان بذلك تحديا كبيرا يكاد يكون الأكبر منذ توقيع ورقة التفاهم في العام 2006. اليوم يُدفع الطرفان مجددا الى مواجهة لا يعرفان عنها شيئا بهدف زعزعة أسس العلاقة بينهما تمهيدا لنسفها. أما من يعبث بالأساسات فمعروف ولا يتردد بالافصاح عن هويته عند كل منعطف.

وفي حين لم يكن حزب الله يجد نفسه معنيا بالرد على كل ما يُنشر ويتم تداوله، الا انّه قد يرى من المجدي في مكان، بعد بلوغ هذه الحملة ذروتها تقديم توضيحات معينة للحؤول دون دفع كل هذه التراكمات الى واقع جديد غير الموجود فعليا. وفي هذا السياق، تؤكد مصادر معنية بالملف أن حزب الله غير معني على الاطلاق بما نُشر في صحيفة لبنانية ولا يتبنى أي كلمة منه، لافتة الى أنّه "اذا أراد الحزب مخاطبة الرئيس عون فهو يلجأ الى احدى قنوات التواصل القائمة والمستمرة بين بعبدا والضاحية الجنوبية لبيروت، أما توجيه الرسائل عبر وسائل الاعلام ومن خلال التصويب على رئيس التيّار "الوطني الحر" وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​، فليس من شيم الحزب أو عاداته".

واذا كانت المصادر لا تنكر امتعاض حزب الله مما آل اليه الوضع الحكومي وخاصة لجهة طلبات رئيس حزب "​القوات اللبنانية​" ​سمير جعجع​ "وفرض شروطه وحتى الفيتوات على هذا الفريق أو ذاك"، الا أنّها تؤكد أن ليس هناك ما يستدعي التصويب على بعبدا، مشيرة الى انّها "أمور تفصيلية" تُبحث مع الجنرال المنتخب حديثا رئيسا للبلاد من خلال القنوات المتّبعة عادة أو حتى من خلال الاتصالات المستمرة بين الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ورئيس الجمهورية. وتضيف: "يعلم الرئيس عون أن هناك ثوابت ومبادئ لا يمكن لحزب الله ان يحيد عنها، وهو اذا كان يحترم الاتفاقات التي يعقدها التيار الوطني الحر مع باقي الفرقاء، الا انّه لا يقبل بأن تأتي على حساب الثوابت السابق ذكرها، مع العلم أن الحزب واثق تماما أن العماد عون لا يسمح بها أصلا".

ويجد حزب الله نفسه بالمرحلة الراهنة مضطرا لمراعاة خواطر رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​، اللذين لم يتمكنا حتى الساعة من استيعاب حجم الخسارة التي منيا بها في الاستحقاق الرئاسي، ويتفهم الرئيس عون تماما "الحرج" الذي قد يشعر به الحزب، لذلك لا يعلّق الكثير من الأهمية على محاولة الطرفين السابق ذكرهما رفع سقفهما كثيرا متحجّجين بغطاء الحزب. وتبدو من جهتها مصادر "التيار الوطني الحر" مطمئنّة لكون الحزب بعيداً كل البعد عمّا يتم تداوله مؤخرا في وسائل الاعلام، متحدّثة عن بصمات واضحة لرئيس المجلس النيابي نبيه بري كما للنائب سليمان فرنجية، مضيفة: "القافلة ستبقى تسير رغم كل محاولاتهما. سنتمسك بتحالفنا الاستراتيجي مع حزب الله بيد كما بتفاهمنا مع حزب القوات في اليد الأخرى للانطلاق جديا بعملية نهوض البلد".

بالمحصلة، هي وبامتياز مرحلة تصفية حسابات بين الأقطاب قد تطول في حال بقيت الامور على ما هي عليه، ولم يتدخل مصلحون لاصلاحها... أما ثمن التأخير فسيكون باهظا يبدأ بفرملة انطلاقة العهد وحماسة عون وقد يصل لتوجيه ضربة قاضية له بالابقاء على قانون الانتخابات الحالي.