لم يكن وحده كلام وزير الداخلية والبلديات ​نهاد المشنوق​ عن "​قانون الستين​" دليلاً على سعي قوى لبنانية لإبقاء هذه الصيغة سارية في الانتخابات النيابية المقبلة. سبق كلام المشنوق همس عن محاولة تيار "المستقبل" عدم تعديل القانون ورفض القبول بصيغة النسبية، وسط حديث عن مصلحة الثنائي "التيار الوطني الحر" و"القوات" بإبقاء "الستين" الذي يُعطيهما اكثرية نيابية مسيحية بعد التفاهم بينهما ويُلغي أي خصم لهما في مناطق عدة بالكامل.

لم ينف "العونيون" ما يُشاع عن محاولة قواتية لترتيب تحالف ثلاثي بين الثنائي المذكور وتيار "المستقبل"، ورباعي حيث يجب مع "الحزب التقدمي الاشتراكي". ركيزة هذا التحالف هو قانون "الستين" الذي يمنع أي تمثيل لشخصيات اخرى قد تؤمّن وصولها الى البرلمان صيغة النسبية مثلاً.

لا تستسيغ القوى الأخرى هذا التحالف بالطبع، الذي يؤدي بنتائجه الى ضرب الصيغة اللبنانية القائمة على التوازن السياسي والطائفي.

قد يكون مفيداً هذا التحالف لو كان النظام في البلد مدنياً لا طائفي أو مذهبي، او كانت تلك الأحزاب عابرة لحدود التموضعات الطائفية. من هنا فإن تفسير اي تحالف في الوضع الحالي بين قوى سياسية على حساب أخرى، قد يصب في خانة زعزعة التوازن الدقيق بين الطوائف، خصوصا ان منسوب الخطاب الطائفي يعلو الآن تحت عناوين استعادة الحقوق وحفظ الأدوار.

اللعبة خطيرة وقد تودي بالبلد الى الحرب. الطرح ليس للتهويل، و لكنه يشكل صلب النقاش المفتوح هذه الأيام في حديث الصالونات السياسية النخبوية في لبنان.

من هنا فإن المعلومات تتحدث عن قرار المواجهة الشعبية لأي توجه او محاولة لإبقاء قانون "الستين". المواجهة ستكون بوسائل ديمقراطية سلميّة عدة، للمطالبة بإقرار قانون جديد يقوم على النسبية بشكل تام او جزئي في أسوأ الأحوال.

القوى المتضررة من بقاء القانون الحالي كثيرة وتمتد على مساحة كل الطوائف والمذاهب والمناطق، وستكون متأهبة للمواجهة السياسية الكاملة، بإعتبار أن القضية وجودية. سيكون معظم المواطنين منحازين لإقرار قانون جديد، وسيتم وضع القوى الرافضة في وضع حرج، خصوصا ان جميعها تطالب علناً بإقرار صيغة جديدة.

على الصعيد الطوائفي، لا يمكن القفز فوق حقيقة التوازن الدقيق القائم بين جميع المكونات، لا سيما أن السخط الشعبي على النظام السياسي الحالي يزداد لأسباب معيشية واقتصادية وفساد ومحسوبيات طائفية. سيُطرح عندها العقد الاجتماعي على الطاولة لتنفيذ اتفاق الطائف بكل مندرجاته بدءا من وضع نظام داخلي لمجلس الوزراء، وما يتعلق ب​قانون الانتخاب​ات والغاء الطائفية السياسية.

اللبنانيون يتطلعون الى المساواة والإنماء المتوازن والاهتمام بمناطق الأطراف والارياف. الزراعة تتراجع والصرخة تعلو من غياب الثروة المائية وجفاف الأنهار والينابيع، من دون تأمين بدائل، مقابل ارتفاع كلفة المعيشة ومزاحمة اليد العاملة اللبنانية من قبل سوريين واجانب، خصوصا بعد ازدياد اعداد النازحين نتيجة الأحداث في سوريا.

كلها عوامل تصب في خانة السخط على النظام السياسي القائم.

التحديات كثيرة واي خطوة ناقصة تضع مصير البلد في المجهول. لذلك فإن مقاربة قانون الانتخابات والتحالفات لا بد ان تُقاس بميزان الجواهري.