لم تعد تنطلي محاولة إشاعة اجواء إيجابية في ملفّ تشكيل الحكومة على أحد، فهذا الأمر توقف منذ أسبوع، وحلّ مكانه "تبادل الإتّهامات بالتعطيل"، وآخر تلك المحاولات كانت الحديث عن إعطاء تيار "المردة" وزارة الإتصالات وبالتالي اقتراب ولادة الحكومة، ولكن ما استجدّ فعليا هو انطلاق معركة قانون الإنتخاب.

يعلم من نشر خبر "اقتراب موعد اعلان الحكومة" ان هذا التسويق لن يعدو كونه فقاعة هواء لن تغير قيد أنملة بالوضع الصعب الذي وصل اليه ملف تشكيل الحكومة، تماما كما كان خبر "تشكيل حكومة الأمر الواقع"، فالمصادر تؤكد لـ"النشرة" أن الأمور توقفت منذ أسبوع عند حدود تمسك كل طرف بمطالبه، وبالتالي تمسّك تيار المستقبل بحقيبة الاتصالات التي تنتظر مشروعاً جديداً رسمه لها تيار "المستقبل" منذ فترة. وتضيف المصادر: "ان معضلة التشكيل لا تكمن في العوائق التي يشير اليها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فالمسألة ليست بنوع الحقيبة بل هي سياسيّة بامتياز، فهناك من لا يريد لتيّار "المردة" أن يتمثّل بالحكومة بشكل فاعل بانتظار الانتخابات النيابية المقبلة حيث سيتمّ توجيه الضربة السياسية القاضية لهذا التيار".

لا يملك رئيس مجلس النواب نبيه بري أيّ جديد ليضيفه الى ما سبق وقاله في الشأن الحكومي، وهو لن يقدّم هدايا العيد هذا العام، تقول المصادر. وتضيف: "حركة أمل وعلى عكس ما يُقال غير متمسّكة بأيّ حقيبة وزاريّة وهي على استعداد للتنازل بشرط تنازل الجميع عن حقائبهم والعودة للبحث بتقسيم الحقائب من نقطة الصفر، لأنّ من غير المعقول أن يكون الاتّفاق قد تمّ على ان تكون الحكومة شبيهة الى حد بعيد بحكومة تمّام سلام، ويكون التطبيق مغايرا في ما يخصّ حقائب حركة "أمل" فقط، وبالتالي لا تنازل اذا لم يُواجه بتنازل بالمقابل".

أما بالنسبة لما يُقال عن وقوف بري خلف تعطيل تشكيل الحكومة لأسباب كيديّة ولمحاولة التشويش على العهد الجديد، تحيل المصادر هذه الإتّهامات للتجارب التاريخيّة، مشيرة الى ان التاريخ يشهد لرئيس المجلس النيابي تنازله ليس عن حقيبة وزارية فحسب بل عن وزير لأجل المصلحة العامة. وتضيف: "بالنسبة للحركة فإن كل القضيّة متعلّقة بالتزامات سياسيّة قدّمها طرف معين وهو غير قادر اليوم على الالتزام بها".

وفي نفس السياق تكشف مصادر مواكبة للملفّ الحكومي أن الأيام ستكشف حجم الالتزامات التي قُدِّمت من قبل التيار "الوطني الحرّ" لـ"القوات اللبنانيّة" ثمناً للاتفاق الذي حصل، مشيرة الى أن "أزمة" جديدة تلوح في الأفق في ملف مجلس الإنماء والإعمار، حيث رشحت معلومات عن ترك نبيل الجسر لمنصبه قريبا، ومطالبة جعجع بالضغط عبر رئيس الجمهورية ميشال عون لأن يكون هذا المنصب لمسيحي، بظل تمسك تيّار المستقبل بهذا الموقع.

أمّا الأزمة الاكبر والتي انطلقت أولى بوادرها الجديّة في الساعات الماضية فتكمن في قانون الانتخاب، حيث لاقى حديث وزير الداخلية ​نهاد المشنوق​ استغراب عدد من القوى السياسية وعلى رأسها حركة "أمل"، حيث تشير المصادر القريبة من الحركة الى أن كلام المشنوق عن جهوزية وزارة الداخلية لإجراء الانتخابات وفق قانون الستين، وان الاتفاق على قانون جديد يحتاج أشهراً لترتيب الإدارة وتثقيف الناخبين، يعني بوضوح أن "المستقبل" يجهد للابقاء على قانون الستين الإنتخابي، وهو يهدف لتحجيم قدرات المواطنين وهيئات المجتمع المدني والجمعيات، ويشكل تخويفا غير مبرّر لهم ويضعهم أمام خياري القبول بـ"الستّين" أو تطيير الانتخابات بحجة التأجيل التقني"، مشيرة الى ان الفترة المقبلة ستشهد خطابات مشابهة كثيرة ممن يَعمَلون في السرّ للابقاء على القانون الحالي كونه يؤمّن لهم طموحاتهم النيابيّة وفق خريطة التحالفات الجديدة.

كثيرة هي الملفات السياسيّة الحسّاسة التي تنتظر اللبنانيين في المستقبل القريب، والتي تبدو أكثر تعقيدا من تشكيل الحكومة، فمولود سعد الحريري الموعود لن يشكّل نهاية للأزمات بل عنوان البداية لها!