"هاشلة بربارة" هي إحدى العبارات التي يستعملها من يجوبون المنازل مرتدين الأقنعة إحياءً لعيد "البربارة"(1) الذي لا يعرف عنه الكثيرون سوى أنه عيد التنكُّر، إلا أن هذا العيد يُعتبر من أهم الأعياد الدينية لدى المسيحيين وهو يسبق عيدي الميلاد ورأس السنة، فما هي قصة الشهيدة بربارة ولماذا بات يحتفل بهذا العيد على طريقة التنكر؟!

قصة حياة بربارة

عاشت الشهيدة بربارة في أواخر القرن الثاني بعد الميلاد، كان والدها وثنياً ويملك قصراً فخما حجزها فيه وأحاطها بالخدم والأصنام، وكانت بربارة تنظر من شرفة ذاك القصر وتسأل باستمرار عن خالق هذا الكون المبدع. هكذا يروي الاب ​عصام ابراهيم​ قصة حياة ​القديسة بربارة​، لافتا الى أن "فالنتيانُس هو من ارشدها الى المسيحيّة فأعجبت بقصة الله خالق الكون واعْتَمَدَتْ".

"في أحد الايام طلبت بربارة من خدمها تحطيم الاصنام التي تحيط بها فما كان من أحدهم الا أن أخبر والدها الذي هددها بالقتل، الأمر الذي دفعها للتفكير بالهروب فتنكّرت حتى تتمكّن من الخروج من القصر وذهبت بين الحقول حتى لا يراها الجنود ويقتلوها، ولأجل الاختباء استعانت بحقول القمح، لذلك نقوم بتحضير القمح في هذا العيد أيضاً".

أما الأب ​طوني الخوري​ فيشير الى أننا "بتنا نضع الاقنعة في ​عيد البربارة​، وهي أمست مصدرا لدخل مادي لمعظم المحال التجارية التي تركّز على بيع الأقنعة البشعة"، لافتا في نفس الوقت الى أننا "نضع الماسك وفي عالم الله لا مكان للبشاعة".

ما بين Halloween والبربارة

يشرح الأب طوني الخوري عبر "النشرة" الى أنه "في مجتمعنا بات هناك مزج بين البربارة والـ Halloweenالذي يعود الى أصول غربية، حيث كان هناك ما يسمّى إله الموت وفي عيده كانوا يظنّون أن أرواح الموتى تنتشر في القرى، ولاسترضائها كانوا يمرّون على البيوت ويطالبون بالاموال"، مشددا على أن "القالب الديني نُزع من Halloween ولم يعد يمتّ الى جميع القدّيسين بصلة بل هو عبارة عن سوق للبيع استغلّ "الجاذب" وهو عيد جميع القديسين بينما المضمون خال من المعنى، وهذا الامر انتقل الى عيد البربارة حيث بتنا نضع الاقنعة". بدوره يلفت الاب عصام ابراهيم الى أن "عادات وضع الاقنعة تعود بتاريخها الى سنة 1800 عند شعوب SELT في أوروبا الغربية"، مشيرا الى أنه "كان لبعض الشعوب الايرلندية تقليد ميتولوجي قديم والـHalloween أو عيد الرعب يحتفل به في 3 تشرين الأول من كل عام ولكن وبعد دخول المسيحية الى أوروبا الغربية وافق موعد عيد جميع القديسين معه فاختلط العيدان ببعضهما"، مضيفا: "في حين كنا نقضي الليلة في الصلاة والتماس شفاعة جميع القديسين كانوا يقضون الصلاة بفولكلور المرور على الناس واخافتهم وانه يجب ان يأخذوا الاموال او يلعنوا، وبالتالي أصبح Halloween تفننا بعبادة الشياطين ومصدر رعب وخوف".

ينسى كثيرون معنى عيد البربارة الحقيقي ليذهبوا باتجاه إرتداء الأقنعة والتنكّر فتتحوّل هذه المناسبة كما غيرها من المناسبات الدينية الى أعياد تجاريّة تحاول نزع القالب الديني من العيد.

(1)وُلدت القدّيسة بربارة في بعلبك. كان أبوها ديوسقورُس غنيٌّا ووثنيٌّا متعصّبًا. فأَحسن تربيتها بالعلوم والآداب. واستقدم لها أشهر المعلّمين ومن بينهم فالنتيانُس الذي أخذ يشرح لها أسرار المسيحيّة. شعر والدها بميولها إلى الإيمان المسيحيّ فسجنها في برجٍ حصين، وأقام من حولها تماثيل الأصنام لتعبدها. أمّا هي فظلّت تتلقّى التعاليم المسيحيّة من خلف الجدران على يد فالنتيانُس. وراحت تمارس الصلاة والصوم والتأمّل. ثمّ طلبت من خدّامها تحطيم التماثيل الموضوعة في البرج. علم أبوها بالأمر فغضب وألقى بها في قبو مظلم. وفي اليوم التالي، استحضرها أمام الوالي مركيانُس علّها تخاف وتعود إلى عبادة الآلهة الوثنيّة. فأمر بِجَلْدِها، فتمزّق جسدها وسالت دماؤها وهي صابرة صامتة مسلّمة أمرها للّه. وفي الليل ظهر المسيح لها وشفى جراحها. وفي صباح اليوم التالي، استقدمها الوالي ورآها معافاة فقال لها: «إنّ الآلهة شفقت عليك وشفتك». فأجابته: «هو المسيح يسوع الذي شفاني، وهو سيّد الحياة والموت». فأمر بجلدها ثانية ثمّ بقطع رأسها فنالت إكليل الشهادة سنة 235 بعد الميلاد.