مع النائب ​أحمد فتفت​ الممتنع عن التصريحات الإعلامية والصحافية منذ إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، هناك أكثر من وساطة يقوم بها نواب وقياديون في تيار "المستقبل" لإعادة وصل ما انقطع بين نائب الضنية ورئيس التيّار ​سعد الحريري​، وكل المؤشرات تدل على أن نتيجة هذه الوساطات لن تكون إلا إيجابية خصوصاً أن فتفت لم يتأخر كي يعود الى صفوف كتلة "المستقبل" بعد الخلاف الذي حصل مع قيادته على خلفية التصويت لمصلحة "الجنرال" في إنتخابات رئاسة الجمهورية. ولكن مع وزير العدل المستقيل اللواء ​أشرف ريفي​ الوضع مختلف تماماً ولا يشبه خلافه مع بيت الوسط أبداً، خلاف فتفت معه، كما أن الحريري لا يتعاطى بحسب المقرّبين منه مع ملف ريفي كأيّ ملف خلافي آخر داخل التيار الأزرق.

وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن الحريري المنكبّ في هذه الأيام على فكفكة العقد التي تعيق إعلان تشكيلته الحكومية، حسم أمره بشكل نهائي لناحية التخلّي عن ريفي ورفض عودته الى التركيبة السياسيّة غير التنظيمية لتيار "المستقبل"، وكل من فاتحه بوساطة يودّ القيام بها مع وزير العدل المستقيل، سمع جواباً حازماً بالرفض. كل ذلك لم يكن من لا شيء بل بسبب سلسلة من المعطيات والمعلومات التي يملكها الحريري والتي تؤكد له أن ريفي حزم أمره ومشى ولن يعود خطوة الى الوراء، كما أنه بحسب مصادر التيّار الأزرق، لا يوفر مناسبة أو فرصة إلا "ويحرتق" فيها على تيار "المستقبل" ورئيسه، أكان في الداخل اللبناني أم في المملكة العربية السعودية، التي حاول ريفي مع المسؤولين فيها مراراً وتكراراً اللعب على وتر التخلّي عن الحريري من دون أن يلقى آذاناً صاغية لمحاولاته هذه.

وعن حزم الحريري هذا في التخلي عن ريفي وإقفال أبواب الوساطات معه، يسأل نائب مستقبلي مقرب من رئيس التيار الأزرق، "وكيف للحريري أن يقدم على أي وساطة مع رجل سمح لنفسه بالقول إنه إنتهى؟ وما الإفادة من الوساطة الحريرية مع ريفي الذي ينتظر بفارغ الصبر الإنتخابات الفرعيّة في طرابلس لتحقيق فوز على المرشح الذي سيسمّيه الحريري بدلاً من النائب المستقيل روبير فاضل؟ وهل من سمّى إسم مرشحه لهذه الإنتخابات الفرعيّة قبل دعوة الهئيات الناخبة (أي ريفي) تفيد معه الوساطات والإتصالات؟ أم أنه قرر الدخول بمشروع سياسي مغاير تماماً لمشروع الحريري؟

في حسابات ريفي، لن يكون تكرار سيناريو الإنتخابات البلديّة في أيّ إستحقاق إنتخابيّ مقبل من الأمور الصعبة خصوصاً بعد الإنتخابات الرئاسيّة، وما يمكن أن تنتجه من تغييرات على صعيد التحالفات في عاصمة الشمال، هذا من دون نسيان عمليّة تشكيل الحكومة وإنعكاسها على المشهد السياسيّ الطرابلسي. أما في حسابات الحريري، فالإنتخابات البلديّة غيمة صيف مرّت، ونتائجها لن تتكرر ثانيةً في صناديق الإقتراع، وهذا ما سيظهر جلياً الى العلن بعد إعلان التشكيلة الحكومية، وسبب ذلك ليس فقط الحكومة، بل نتيجة خطة سياسيّة لإستنهاض الشارع ينفّذها التيّار في طرابلس والشمال ككل منذ المعركة البلدية، ويقودها أمين عام التيار أحمد الحريري الذي يمضي معظم أوقاته في الشمال لإنجاز هذه المهمة.

إذاً طوى الحريري صفحة ريفي الى غير رجعة، وإذا كان في صفحات السياسة من مصالحة بين الرجلين فهي على الأقل لن تكون في القريب المنظور، إلا إذا فرضتها حسابات الوزير المستقيل ورئيس تياره السابق.