يُجمع المعنيون بالملفّ الحكومي على أن عملية التشكيل لم تدخل حتى الساعة مرحلة المخاض التي تسبق الولادة، بالرغم من الطروحات التي تكثّفت في الأيّام القليلة الماضية بهدف ايجاد مخارج ملائمة للأزمة تُظهر كل الفرقاء بموقع المنتصر، وتُبعد كأس الخسارة عنهم جميعا، حتى ولو كان بعضهم ضمنيا سيُضطر الى تقديم تنازلات معيّنة من حصته، لعدم قدرته على مجاراة من هم أكثر تعنتا وإمساكًا بخيوط اللعبة اللبنانية.

وتتجّه الأنظار الى اطلالة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله غدا الجمعة الذي وان كان سيعطي الأولوية للملفّ السوري، وبالتحديد ل​معركة حلب​ التي باتت محسومة لصالح النظام السوري وحلفائه، فهو سيضع على الطاولة شروط الحزب للاستمرار بالتعاون في هذا الملف والمساهمة بايصاله الى برّ الأمان. وبحسب مصادر مطلعة، فان نصرالله سيكون واضحا تماما الجمعة بتمسّكه بارضاء حليفيه تيار "المردة" و"الحزب السوري القومي الاجتماعي" انطلاقا من تمسك الثنائية الشيعية بفكرة أنّ العهد الجديد الذي انطلق يجب ان يراعي "التيار المنتصر" والذي يمثله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من خلال مراعاة مطالب رئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية وتلبية رغبة "القومي" بالتمثّل حكوميًّا. وان كان حزب الله يسعى أيضًا لتمثيل أحد حلفائه السنّة في الحكومة المقبلة على ان يختار ما بين الوزيرين السابقين عبد الرحيم مراد أو فيصل كرامي والأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري أسامة سعد، وأمين الهيئة القياديّة في حركة الناصريين المستقلين-المرابطون العميد مصطفى حمدان، الا أنّه لا يتعاطى مع هذا البند كمفصلي ومصيري كما يتعاطى مع بند تمثيل "المردة" و"القومي" من منطلق أنّه سيكون للرئيس عون الحقّ بتسمية أحد الوزراء السنّة الذي سيكون محسوبا عليه بإطار التسوية التي منحت الحريري حقّ تسمية أحد الوزراء المسيحيين.

وتتحدث مصادر في قوى 8 آذار عن 3 مشاريع استراتيجيّة تؤخر تشكيل الحكومة: الأول هو مشروع تيار "المستقبل" الذي يسعى، بحسب المصادر، لتأخير الولادة الحكوميّة مع اقتراب المهلة الدستورية الخاصة بالانتخابات النيابية، فتتمّ دعوة الناخبين بحينه لاستحقاق وفق قانون الستّين من دون أيّ تعديلات أو يتم وضع كل الفرقاء السياسيين كما المواطنين اللبنانيين أمام أمر واقع، كالتمديد عامين لمجلس النواب. أما المشروع الثاني، ودائمًا حسب المصادر، فيتعلق بالتيار "الوطني الحر" الذي يصرّ وبعكس ما يقول ويوحي لتشكيل حكومة تثبّت مرجعيته الأحادية مسيحيًّا خلافا لما يتم تسويقه عن أولوية الثنائية المسيحيّة بالنسبة له. وفي هذا السياق تتابع المصادر ان "ما يريده التيار هو تشكيل حكومة تقود لانتخابات نيابيّة تعيد نتائج العام 2005، وليس حصول الرئيس عون وتياره في الحكومة المقبلة على 7 وزراء من أصل 8 كما على وزارات أساسية كالخارجية والدفاع والتربية والطاقة والشؤون الاجتماعية الا تكريسا لمعادلة أنّه الممثل الاول والأبرز للمسيحيين في لبنان، ولا ينافسه على الموقع أي تيار آخر، أكان حليفًا أو خصمًا.

وكما للحريري وعون مشاريعهما وخططهما التي يرتكزان عليها لخوض المفاوضات الحكوميّة، فكذلك، وبحسب المصادر، للثنائية الشيعية أمل–حزب الله مشروعها الذي ينطلق من معادلة أن محورها قد فاز في المنطقة وفي لبنان، وبالتالي على الحكومة ان تعكس ولو بحد أدنى هذا الفوز من خلال تمثيل كل حلفاء "حزب الله" بما يرضيهم.

في الخلاصة، لا شك انّه سيكون لنتائج معركة حلب التي شارفت على نهايتها صداها المدوّي في بيروت، ما يُحتم المسارعة بتشكيل الحكومة، والتفاهم عليها حتى ولو اضطر عون والحريري لأنْ يقدِّما تنازلات من قِبَلِهِما، قبل أن تُصبح الكلفة أكبر، فيخرج من يقول ان ما قبل انتصار حلب ليس كما بعده!