لم تصل حتى الساعة خواتيم التشكيلة الحكوميّة الى نهاياتها، على الرغم من جو التفاؤل الّذي ساد خلال اليومين الماضيين. في سياق آخر ذلك بقي الحديث عن قانون جديد للانتخابات الهاجس الأكبر لدى من يطالبون به في العلن ولو كان بعضهم لا يريد ذلك في السرّ.

في هذا السياق، رأت مصادر سياسية ان اقتراح رئيس "التيار الوطني الحر" وزير الخارجيّة ​جبران باسيل​ فصل عملية تشكيل الحكومة التي هي من صلاحيات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​، عن مسار إقرار قانون جديد للانتخابات، الذي يعتمد على النسبية اذا ما أردنا تصديق اجماع الزعماء على هذا المبدأ، تطور جدي وجديد، ربما يؤدي للإسراع في تشكيل الحكومة وانجاز قانون جديد للانتخابات وبالتالي انجاز هذا الاستحقاق على أساسه.

وأشارت هذه المصادر الى ان آليّة تنفيذ ما اقترحه باسيل يحتاج الى عدة امور وعناصر كي لا يكون مصيره الفشل، ويؤدي الى تعقيد الاوضاع اكثر فاكثر، ويبقى لبنان من دون حكومة ومن دون قانون للانتخابات .

ومن ابرز ما هو مطلوب، ان يكون هذا الطرح قد تم بالتنسيق مع حلفاء التيار الجدد أيّ "​القوات اللبنانية​"، والاتفاق معهم على شكل القانون الذي يعتبرونه يصحّح التمثيل المسيحي بشكل خاص والوطني بشكل عام، وكذلك مع حليفهم الثنائي الشيعي الّذي معه يؤيّد أساسا النسبيّة، وان تنطلق اتصالات فورية وبروح المسؤولية لبلورة تفاهم عام يؤمن جلسة تشريعيّة عاجلة لإقرار ما يتم الاتفّاق حوله، خصوصًا وان الدستور يسمح بهذا الأمر بوجود رئيس للجمهورية بعكس ما كانت عليه الاوضاع في ظل الفراغ الرئاسي، والاّ لا تبقى المسألة في اطار تشكيل لجان كانت استمرت بدراساتها لسنوات عدة ولم تأتِ بنتيجة مرضية.

وتمنت المصادر ألاّ يكون الغرض من طرح وزير الخارجية التخفيف من عقدة توزير رئيس تيّار "المردة" النائب سليمان فرنجية التي اصبحت وباعتراف الجميع هي التي تقف عائقا أمام ولادة الحكومة الجديدة، مشيرة الى ان المطلوب ايضا مبادرة جديّة من الرابح سياسيا الى الخاسر الّذي هو سليمان فرنجية، لا سيّما وان البعض يعتبر بأن حكومة العهد تبدأ بعد الانتخابات النيابية، حيث هناك إرادة وتصميم لتبدأ معها ورشة التغيير والإصلاح واستئصال الفساد.

وتؤكد المصادر نفسها ان تفاهم زعماء الطوائف هو الذي يصنع قانونا جديدا للانتخابات، وليس نواب الأمة، وانه اذا لم يلتقِ هؤلاء ويتفاهموا على صيغة للقانون المنشود ويحيلونها على نواب الأمة لإقرارها قبل شهر شباط المقبل، فإنّ أيّ كلام خارج هذا السياق يبقى مضيعة للوقت، ويمكن ان يدخل العهد ولبنان في دوامة تعزز ما هو موجود حاليا الا وهو فيدراليّة الطوائف التي حذّر منها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

ونصحت المصادر القوى السياسيّة الاّ تنتظر ما سيقوله الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله حيال كل معضلة او مشكلة سياسية كبرى، لأنّه كان دائما يعلن مواقف تعرفها سلفا معظم القوى أنّها المخرج للازمة، ولكنها تتردد في تطبيقها، أحيانا بسبب مصالح خاصة أو في اطار النكد السياسي الذي لا يُمارسه نصرالله.

اما التلهّي في ان تطمئن هذه الفئة او تلك، الفئات الأخرى بأنها غير مستهدفة، ولا نيّة لعزل احد، يبقى في اطار العلاقات العامة التي لا تقدم ولا تؤخر، لأنّ عدم إقرار القانون المطلوب وإجراء الانتخابات النيابيّة على اساسه، سيكون مقدّمة لتبدأ مكونات لبنان السياسيّة الاساسيّة بالبحث عن صيغة او نظام جديد لهذا البلد.