بعد العملية النوعية الأخيرة التي نفذها ​الجيش اللبناني​ في ​عرسال​ وأوقف فيها أحد أمراء تنظيم "داعش" الإرهابي احمد يوسف امون مع عشرة من عناصر مجموعته، باتت تطرح بقوة في الكواليس السياسية والأمنية، السؤال التالي: هل يفرض تحرير بلدة عرسال المحتلة بإعتراف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، نفسه على العهد الرئاسي الجديد؟ وهل أدرج رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذا الملفّ الأمني على لائحة أولوياته؟ وماذا عن التوافق السياسي الذي يتطلبه قرار كهذا؟ هل هو مؤمّن أم أنّ العقبات والفيتوات الطائفية ستلعب دورها على هذا الصعيد كما كان يحصل في العهد الرئاسي السابق؟

ما هو أكيد، هو أنه حتى لو صدر تصريح سياسي من هنا يحذر من أي عمل عسكري لتحرير عرسال، وحتى لو أعلن مرجع روحي من هناك رفضه لهذا العمل، لن يقف الجيش اللبناني بعد اليوم متفرجاً على ما يحصل داخل البلدة اللبنانية المحتلة إرهابياً، ولن يبقى ضباطه وعناصره مكتوفي الأيدي حيال ما تخططه المجموعات الإرهابيّة، كل ذلك منعاً لتكرار غزوة عرسال الشهيرة في الثاني من آب 2014 التي نفذها إرهابيو "داعش" وجبهة النصرة ضدّ مراكز الجيش وفصيلة قوى الأمن الداخلي.

" قرار التحرك داخل البلدة حتى لو لم يصل بعد الى مستوى العمل العسكري الواسع لتحريرها ومن ثم الإنتقال الى تطهير جرودها، متّخذ على أعلى المستويات" تقول المصادر الأمنية المتابعة، وتضيف "المطلوب عمليّات نوعية كتلك التي أوقف فيها أمون ومجموعته للحد من نشاط هذه المجموعات داخل البلدة وعلى تخومها، والمعنيون بالملف الأمني يعرفون تماماً ما توفره هذه العمليات وتوقيفاتها من كنوز معلوماتيّة عن نشاط الخلايا الإرهابية، وما تحدثه من تداعيات سلبية على صعيدها خصوصاً عندما يكون الموقوف بحجم أمون".

ومع بدء تنفيذ هذا القرار الأمني وتكثيف عمليات الدهم والملاحقات بحق الإرهابيين، من المتوقع أن تشهد بلدة عرسال وأحياؤها السكنية تدابير أمنية وعسكرية إستثنائية كتلك التي إتخذها الجيش عندما نفّذ قرار فصل الجرود عنها. تدابير قد تؤدي الى إستحداث نقاط وحواجز عسكريّة جديدة، ولا تنتهي عند حدود رفع وتيرة الجهوزية تحسباً لأي ردّة فعل إرهابيّة مباغتة وصولاً الى زيادة عمليات الدهم والملاحقات بحق المطلوبين، أكانوا من أهالي عرسال أم من المسلحين السوريين.

وإذا كان الهدف الأساسي من التدابير الإستثنائية التي ستشهدها البلدة، هو منع أي نشاط إرهابي من شأنه أن يعرّض سلامة المواطنين والنقاط العسكرية لخطر، فهناك هدف آخر مهم أيضاً لم يسقط من الحسابات الأمنية والعسكرية ألا وهو ملاحقة المتعاملين من أهالي عرسال مع المجموعات الإرهابيّة خصوصاً بعدما أثبتت التوقيفات تورّطهم مع المجموعات الإرهابيّة المسلّحة المتمركزة في الجرود، وضبط العشرات منهم وهم يعبرون حواجز الجيش بحجة الوصول الى مقالع ومناشير الحجر والمزارع المنتشرة في الجرد، ليتبيّن أنهم يقصدون مغاور "النصرة" و"داعش". هذا مع الأخذ بعين الإعتبار أن هؤلاء، لا يتحركون بمبادرة منهم، لأن هناك من يحرضهم بين الحين والآخر على الجيش وضباطه.

هذه التدابير التي بدأ تنفيذها في عرسال، لن تسلم منها مخيّمات النازحين السوريين، والسبب يعود الى كثرة التقارير الواردة من المخبرين والتي تتحدث عن نشاط إرهابي فيها. ما يثبت صحة التقارير، كيف ان التنظيمات الإرهابية، طلبت أكثر من مرة خلال المفاوضات الدائرة لحلّ قضية العسكريين الرهائن، "عدم التعرض لمخيمات اللاجئين السوريين ورفع الضغط الأمني عنها"، هذا من دون ان ننسى مئات التوقيفات التي حصلت فيها.

إذاً وضع عرسال الأمني هو واحد من الإمتحانات التي تنتظر العهد الرئاسي الجديد، فهل ينجح فيها أم أن السياسة ستفسد كما كل شيء تدخله، ما يخطط له أمنياً؟