هو نفسه الفريق الذي ما انفك منذ العام 2000 يحرتق على سورية وزاد من "دوز" الحرتقة بعد رحيل سورية بشقها العسكري عن اراضي لبنان في نيسان 2005. هذا الفريق الذي انسحب رئيسه سعد الحريري عندما اتى سفير سورية علي عبد الكريم علي مهنئاً الرؤساء بعيد الاستقلال في قصر بعبدا. وهذا الفريق الذي انتقد زيارة مفتي سورية احمد بدر الدين حسون ولقاءه المرجعيتين المارونيتين الاكبر في لبنان الرئيس ميشال عون والبطريرك بشارة الراعي. لم يحمل حسون معه الا تكملة التحايا والسلام للموفد الرئاسي الوزير منصور عزام، اذ نقل الرجلان تهاني القيادة السورية الشرعية بقيادة الرئيس بشار حافظ الاسد للعماد عون بتوليه سدة الرئاسة وبانتخابه بشبه اجماع وطني تقريباً ولو تدنت الاصوات عن الثلثين بقليل. كما نقل الرجلان رغبة القيادة السورية بتعزيز العلاقات الثنائية بين بعبدا ودمشق وبين لبنان وسورية. وهي بالمناسبة علاقات لم تنقطع في الجوانب الامنية والعسكرية والاقتصادية والزراعية والتجارية رغم كل الجهود لتقويض العلاقة الاخوية بين البلدين. اما بدعة النأي بالنفس فقد دفع لبنان ثمنها ثلاثة ملايين نازح، وعشرات التفجيرات الانتحارية والارهابية، ومئات الشبكات التكفيرية من "كتائب عبد الله عزام" و"جبهة النصرة" و"داعش" وباقي تنظيمات القاعدة ومسمياتها المختلفة. بالاضافة الى احتلال عرسال وجرودها واحتجاز اهلها ونازحيها رهائن وتحت رحمة التكفيريين من "نصرة" و"داعش". كما فقد لبنان خيرة من ابنائه العسكريين في مواجهة هذه التنظيمات وهناك ما يربو على العشرة مفقودين لدى "داعش" الارهابي.

من ينتقد اليوم زيارة حسون ويطالب باعتقاله رغم انه زار مرجعيتين رسمية ودينية، يعرف انه يحرتق ويزايد في السياسة، ويحاول تسجيل ضربة في مرمى سورية وسفيرها ومفتيها ورئيسها. رغم انه يعرف ان لا قيمة لهكذا اجراء. فقبله حاول كثيرون المطالبة بطرد السفير السوري وتستأهل هذه المطالبة (توقيف حسون)، قول الوزير وئام وهاب انه يستضيف حسون ليل امس الاول ومن يريد توقيف حسون فليأتِ الى الجاهلية.

"الفريق السيادي" ما زال اليوم يرأسه الحريري ويعاونه في قيادة الجناح الايمن سمير جعجع وفي الايسر فارس سعيد وبقايا قرنة من هنا ولقاء من هناك وتجمع غير موجود فعلياً من هنالك. في العام 2005 اتهم هذا الفريق "الاستقلالي" والغاطس في التبعية للسعودية واميركا والمحاضر في السيادات الوطنية ورفض الوصايات، بالهجوم على قصر بعبدا وطرد الرئيس اميل لحود، لكن الاخير واجه وحده هذه الهجمة في حين إنكفأ كثيرون من حوله، ولكنهم لم ينجحوا في انتزاع دقيقة من ولايته وبقي في قصره حتى الثانية الاخيرة من عهده.

مرة جديدة لعب السياديون المتحمسون لعبة سجن رؤساء الاجهزة الامنية وما عرف بقضية الضباط الاربعة، وحاولوا بعد خروجهم من الاتهامات المفبركة، والتي سجنوا بسببها ان يلعبوا لعبة توقيف اللواء جميل السيد في المطار ومن ثم توريطه في قضية الاحمق ميشال سماحة ومرة جديدة لم ينجحوا في هذه او تلك.

وبعدها لعب "الاستقلاليون الاشاوس" لعبة طرد السفير السوري والغاء المجلس الاعلى اللبناني- السوري ووقف التصدير الى سورية او الاستيراد منها وخصوصاً عبر وزير وليد جنبلاط اكرم شهيب.

فلم ينجحوا في تحجيم سورية او المس بشعرة من سفير سورية، او اي لاجئ او نازح سوري من اصل المليونين الذين وزحفوا الى السفارة السورية في اليرزة للتجديد للرئيس الاسد.

وعليه نفض "حكيم معراب" الغبار عن تويتره وعاد ليغرد منتقداً زيارة حسون و"ناصحاً" الاسد بتحييد لبنان. فيما "حط" وزير طرابلس المزدوج الاستقالة عبر الاستقالة الشخصية والاستقالة الحكمية بتصريف الاعمال اشرف ريفي، على عين الاصدقاء والاعداء بالقول :"الم اقل لكم ان عون رجل النظام السوري وان انتخابه يعيدها الى لبنان؟ وكأن ريفي لا يعلم بأن سورية لم تخرج لتعود اصلاً.

هذه الترهات التي يخرج بها احدهم بين الفينة والفينة كلام في التنجيم السياسي ولا قيمة له على ارض الواقع ولا يصرف في اي مكان. فسورية اليوم تخوض معركتها الشرسة وبدأت تتحكم بالميدان بعد 5 اعوام ونصف من الكر والفر مع التكفيريين وهي غير ملتفتة لما يحصل في لبنان او من حولها، لكنها تعتبر ان وجود رئيس قوي وحليف كعون من شأنه ان يعيد الامور الى نصابها بين لبنان وسورية، وان تستعيد العلاقات الثنائية حراراتها وزخمها، وان تسلك مساراتها الصحيحة. فبيننا وبين سورية اليوم مشكلة النازحين الكبيرة. وحلها يتطلب التنسيق مع الدولة السورية بالاضافة الى الامور الاقتصادية والزراعية والتبادل التجاري والزراعي. وهذه من الاولويات التي يفترض بالعهد الجديد ان يأخذها في الحسبان وان تسلك طريق التنفيذ لمصلحة البلدين بعيداً من الحرتقات في السياسة، التي لا قيمة لها، ومن فريق يعيش على الاوكسجين الصناعي للحاجة اليه في دورة نيابية جديدة. ربما قد تبقى له بعض الحيثية في مناطق كانت تعتبر كاملة التأييد له.