أخذت مسألة التفاهم القواتي-العوني الذي يترجم في مرحلة تأليف الحكومة حالياً جدلاً كبيراً على الساحة السياسية، في ظل الكلام عن أن "حزب الله" ممتعض منه، إلا أن كلام الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخير أتى ليقطع الطريق على المصطادين في الماء العكر، مستعيداً كلامه السابق "في بعبدا جبل لنا ملء الثقة به". إلا أن الجديد في كلام السيد كان إعترافه بـ"​القوات اللبنانية​" كقّوة سياسيّة ليلاقيه بعدها رئيس جهاز الاعلام ملحم رياشي مثنئياً على كلامه.

غزل مبطّن

لا شكّ أن هذا النوع من الخطاب جديد في لبنان، فلم تكن هذه نظرة "حزب الله" الى "القوات" والعكس، فهل من شيء تغيّر؟ّ! "يبدو واضحاً أن رئيس حزب "القوات" سمير جعجع يسعى لفتح حوار مع "حزب الله" وهذه النيّة ظهرت إن من خلال اللقاء الذي جمع النائب شانت جنجنيان في السابق ببعض نواب الحزب أو حتى بالأسلوب الجديد الذي تعتمده القوات، فمثلا لم تعلق القوات اللبنانية على "العرض العسكري" لحزب الله في القصير كما تعودنا عليها سابقا، هذا ما يراه الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر، الذي يلفت الى أن "السيد نصرالله أعطى القوات حجمها السياسي من خلال الإعتراف بها ولكنه في نفس الوقت لا يريد أن يفتح أبواب الحوار معها في المرحلة الحاليّة". لم يختلف رأي الكاتب والمحلل السياسي خليل فليحان عن رأي زميله، مؤكدا أن "حزب الله" إعترف بالقوات كقوّة سياسيّة وهذا الأمر لقي صداه لدى قيادة القوات التي أثنت عليه بعدها ولكن الامور توقفت عند هذا الحدّ".

لا حوار قريباً

"تحدّث نصرالله عن إنشغال "حزب الله" في مكان آخر وتحديداً في الحرب السورية وفي هذا الأمر إشارة أن لا وقت حالياً لأي حوار داخلي". هذا ما يشير اليه فليحان، لافتاً الى أنه "لم يحن أوان الحوار مع "القوات" بالنسبة لنصرالله". في حين أن منيّر يلفت الى أن "نصرالله ومن خلال كلامه عن أن المعارك الوهمية تؤدي لنتائج وهميةّ أراد إيصال الرسائل: "فإذا أردتم حواراً لا تفتعلوا المعارك الوهميّة لأن نتائج التواصل ستبقى وهميّة وبالتالي فمن يطلب أموراً تحت "الهواء" لا يمكنه أن يقوم "بالعنترات" فوقه".

الأولوية لعلاقة عون-فرنجية

رغم رغبة "القوات" بفتح علاقة مع "حزب الله" إلا أن الظاهر وبحسب فليحان أن "هذا الأمر لن يحدث في القريب العاجل أقلّه قبل الإنتخابات النيابية المقبلة". في حين أن عين "حزب الله" حالياً هي على ترتيب العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية. هذا ما يؤكده منيّر، لافتاً الى أن "الأخير سيزور بعبدا بعد صدور مراسيم تشكيل الحكومة وسيكون هناك جلسة "غسل قلوب".

من الأمثال الشائعة في لبنان أن "السياسة هي فنّ المستحيل" فمن تصوّر أن "القوات" تتحالف مع "التيار الوطني الحر" بعد حرب دموية؟!، ومن تخيّل أن رئيس تيار "المستقبل" ​سعد الحريري​ ينتخب عون رئيساً؟!. بعد كل ما سبق يبدو واضحاً أن العلاقة بين "القوات" و"حزب الله" لن يطرأ عليها ما ينقلها من مرحلة الاعتراف بالآخر الى مرحلة فتح حوار فتفاهم في المدى المنظور رغم "الغزل" القائم بين الطرفين!