برزت موجة من التفاؤل على الساحة المحليّة خلال اليومين الماضيين، تمثّلت الأولى بحلول حيال حلّ العقد في تشكيل الحكومة، والثانية من خلال المواقف التي صدرت من كل من "حزب الله" و"القوات اللبنانيّة"، وهي تبدو حتّى اللحظة كَفَتْحِ كوّة في جدار العلاقة بين الفريقين ربّما تمهيدًا لغزلٍ سياسي بينهما مستقبلاً.

تشير آخر الاتصالات المستجدّة بين الذين لهم تأثير على مسار تشكيل الحكومة بأن ولادتها باتت قريبة وان عقدة تمثيل "المردة" حُلّت بإعطائه وزارة الأشغال بعد ان قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري بذلك، دون ان تعترض "​القوات اللبنانية​" على هذه الخطوة، وان بقية الحصص اصبحت معروفة ولا مشاكل حول توزيعها بين جميع المكونات التي ستتمثل وتشكل عنوانا لـ"الوحدة الوطنية".

ولفتت المصادر الى أن التوقعات هي ان تصدر المراسيم هذا الاسبوع، فتعقد الحكومة جلسة واحدة قبل الأعياد برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون يتم خلالها تشكيل لجنة صياغة البيان الوزاري، لتبدأ بعد الأعياد الورشة الحقيقيّة في إعداد قانون جديد للانتخابات وإقراره، واتخاذ كل ما يسمح بإجراء الانتخابات في موعدها، مع وجود توجّس من أن تفاصيل صغيرة يمكن ان تؤجل التشكيل الى ما بعد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، مع ما سيتضمن هذا الاحتمال من نكسة للبنانيين على الاصعدة كافّة.

وكان الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله قد قدم في كلمته يوم الجمعة الماضي مطالعة حول الوضع السياسي في البلاد، وتطرق فيها الى عملية تشكيل الحكومة مشيرا الى عدم وجود أسباب جوهرية لعدم ولادتها خصوصًا وان مهمتها محددة وفترة حكمها قصيرة وهي حكومة انتقالية، وليست حكومة العهد الاولى. وفي هذا السياق رأت مصادر سياسية ان كلام نصرالله يحمل في طياته تطورات إيجابيّة على مستوى العلاقات بين القوى السياسية، والذي نفى فيه وجود لأيّ افتراضات أو أي كلام عن اشتباك مسيحي-شيعي، مشيرا الى القوات اللبنانية بأنها فريق له تمثيله وجمهوره، وان حزب الله يرحب بكل تقارب بين القوى المتخاصمة. كما لوحظ ايضا في الآونة الاخيرة تراجع القوات في حملتها على حزب الله والتي كان رئيسها سمير جعجع لم يكن ينتظر حتى ينهي السيد خطابه كي يرد عليه. كما سجل الترحيب بكلام نصرالله على لسان النائب جورج عدوان لجهة حديث السيد حول العلاقات المسيحية-المسيحية بشكل خاص والعلاقة بين اللبنانيين جميعا.

ورأت هذه المصادر ان اعادة صياغة القوات لخطابها السياسي الذي خفف من استهداف "حزب الله" يمكن ان يكون نتيجة السعي الذي قام به رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وقابله تجاوب قواتي، وان نتائج مثل هذا التوجه اذا ما تبلور اكثر فاكثر، ليصل الامر الى لقاءات بين القوات والتيار وحزب الله، سيكون انجازا وطنيا، ومقدمة لبناء قاعدة وطنية شاملة للعهد خلال السنوات الستّ المقبلة، حصوصًا بعد التلاقي بين تيار "المستقبل" والتيار "الوطني الحر" الذي كان عاملا مهما في إنجاز الاستحقاق الرئاسي ووصول عون الى قصر بعبدا.

وتعتقد المصادر نفسها انه وبعد تاكيد التفاهم العوني-القواتي على عدة نقاط، ومن أهمها ان للبنان عدوا واحدا هو اسرائيل، يسهّل هذا التفاهم على التيار الوطني الحر جهوده وبإشراف رئيس البلاد، لمدّ الجسور بين الحزب و"القوات" والتي ستكون خجولة في البداية، وستلقى مواجهة من بعض الأطراف مثل الاعتراضات التي ظهرت بعد ورقة التفاهم بين التيّار "الوطني الحر" و"حزب الله".

ولفتت المصادر ان احتضان تيار "المستقبل" لـ"القوات اللبنانية" خلال الأعوام الماضية والجهود التي بذلها على هذا الصعيد، ساهمت في تبديل صورة هذا الحزب لدى البعض في ما يتعلق بماضيه السياسي، لكنها لم تكن كافية لانطلاقتها على الصعيد الوطني، كما حصل مع التيار "الوطني الحر".

وترى المصادر انه اضافة الى ذلك كله لم تؤدِّ معارضة "القوات" الشرسة للحزب وسلاحه وتدخّله في سوريا، الى تبديل او تغيير اي شيء في واقع تعترف كل القوى السياسية اللبنانية انه من الصعب تبديله، لأنّ "حزب الله" لم يعد مكوّنًا لبنانيا وحسب بل أصبح جزءًا من لعبة إقليمية ودولية خارجة عن نفوذ او تأثير أيّ قوى لبنانية.

وخلصت المصادر، الى ان استيعاب "حزب الله" لشخصيّات مسيحيّة لعبت دورا شرسًا ضده عندما كانت في "القوات اللبنانية"، وخاضت الانتخابات النيابيّة على لائحة هذا الحزب في منطقة بعلبك-الهرمل، لن يمنعها من التقارب مع "القوات" اذا كانت هذه الخطوة ستعزّز انطلاقة العهد وتسمح له بإنجاز الكثير من المشاريع التي تهم المواطنين، بدل التمادي في حملات أثبتت الايام عدم جدواها.