في الدول المتقدمة يُفصّل ال​قانون الانتخاب​ي على قياس الشعب لضمان حريته بالاختيار، إنما في لبنان يتم تفصيل هذا القانون على قياس الأحزاب السياسيّة التي تطمح لأن يكون لديها كتلة نيابية وازنة في أي مجلس نيابي. من هنا كان الإبقاء على ​قانون الستين​ في انتخابات 2009، ومن هنا أيضا يُتوقع أن تجري الانتخابات المقبلة على اساس "الستين" كما يُطالب علنًا رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، وسرًّا رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.

رغم التأثير الكبير لقانون الانتخابات على النتائج النهائية، الا انه لا يمكن إلغاء تأثير التحالفات السياسية أيضا على مسار المعركة الانتخابيّة، وبالتالي لن يكون الحال بالنسبة لتيار المستقبل تحديدا كما هو عليه اليوم، لأنه وحسب التقسيم الطائفي يعتبر التيار الوحيد الذي يضم الى كتلته ما يزيد عن عشرة نواب مسيحيين. فما هو مصير هؤلاء ان جرت الانتخابات في موعدها وعلى اساس قانون الستين وبظل التحالف المسيحي الجديد بين التيار الوطني الحر و​القوات اللبنانية​؟.

يملك تيار المستقبل 3 نواب مسيحيين من أصل 5 في دائرة بيروت الاولى، وهم ميشال فرعون وجان اوغاسابيان وسيرج طورسركيسيان، يقول الباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ"النشرة"، مشيرا الى ان هذه الدائرة لن تكون لتيار المستقبل مجددا بل ستذهب بنوابها الخمسة الى تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية الذي لطالما شددا على اهمية أن يُصحح الخلل في التمثيل النيابي المسيحي. أما في دائرة بيروت الثانية فتبدو الأمور أقل حدّة من الاولى، فلتيار المستقبل نائبا مسيحيا واحدا هو الأرمني سيبوه قلبقيان، مقابل أرمنيًا آخر للطاشناق وشيعيا لحركة أمل وسنيا لتيار المستقبل، وهنا يشير شمس الدين الى ان التحالفات في هذه الدائرة سترسم مجرى الامور، ففي هذه الدائرة ثلاثة كتل انتخابية، ويكفي تحالف 2 منها للظفر بمقاعد الدائرة، فإن تحالفت الكتلة الأرمنيّة مع الكتلة الشيعيّة، خسرت السنيّة، وهكذا. ولكن المصادر الخاصة بـ"النشرة" تشير الى أن التحالف الكامل والتزكية في هذه الدائرة هو الأمر المرجّح.

وبعد الثانية تأتي الثالثة، فتيار المستقبل ظفر بانتخابات 2009 بثلاثة نواب مسيحيين هم عاطف مجدلاني، باسم الشاب ونبيل دو فريج، وفي هذه الدائرة لا يحتاج تيار المستقبل للمساومة فالصوت الانتخابي السنيّ هو المرجّح، وبالتالي تتوقع المصادر ألاّ يعطي المستقبل للتيار والقوات شيئا.

وما ينطبق على الدائرة الثالثة في بيروت ينطبق على دائرة البقاع الغربي وراشيا، فتيار المستقبل الذي فاز بمقعد مسيحي لروبير غانم (المستقل) بالتحالف مع التقدمي الاشتراكي الذي نال مقعدا لأنطوان سعد، لن يتخلى عن مقعده مجانا، ولكنه قد يساوم على هذا المقعد مقابل مقعدا آخر قد يكون في الكورة مثلا، حيث لتيار المستقبل مقعدين اثنين للنائبين فريد مكاري ونقولا غصن، وللقوات اللبنانية نائبا هو فادي كرم، ولكن بظل التحالفات الجديدة فإن تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية سيكون قادرا على الظفر بالمقاعد الثلاثة اذا لم يتحالف تيار المستقبل مع الحزب السوري القومي الاجتماعي وتيار المردة، بينما اذا تحالف هؤلاء الثلاثة فسيكونوا قادرين على إلحاق الهزيمة بالثنائي المسيحي. وتبقى أخيرا دائرة عكار حيث للمستقبل 3 نواب مسيحيين هم رياض رحال ونضال طعمة وهادي حبيش، وهو سيحافظ عليهم نظرا لقوته الكبيرة في هذه الدائرة.

تشير المصادر الى أنه بالرغم من التراجع الذي حصل لتيار المستقبل على مستوى لبنان الا انه يبقى الأقوى على الساحة السنية، وسيزداد قوة بعد ترؤس الحريري للحكومة المقبلة، لافتة الى أن الانتخابات المقبلة ستشهد تنافسا على 52 مقعدا نيابيا فقط.

لا شك ان التحالفات السياسيّة الجديدة ستترك بصمة واضحة في أي انتخابات جديدة، ففي الشوف والكورة وزحلة والمتن وبعبدا وجبيل والبترون، لن تكون الامور محسومة لأي تحالف جديد او قديم، انما الأكيد والمحسوم أن عدد النواب المسيحيين في كتلة "لبنان أولا" لن يبقى على حاله في أي انتخابات مقبلة.