فجأةً، وفي لحظة لم يكن يتوقعها أحد، تهافت الصحافيون الى القصر الجمهوري، لتغطية النشاط المنتظر منذ إنتخابات رئاسة الجمهورية: الإعلان عن تشكيلة حكومية للمرة الأولى في عهد الرئيس العماد ميشال عون. وفجأة أيضاً أعلن مرسوم التشكيل بعد توقيعه، ليتبين أن كل الأفرقاء السياسيين من ضمنها ما عدا حزب الكتائب. دخل الحزب السوري القومي الإجتماعي الذي لا يتخطى عدد نواب كتلته الإثنين، ولم يدخل الكتائب صاحب الكتلة النيابية المؤلفة من خمسة ممثلين في الندوة البرلمانية. أعطي تيار المرده صاحب الكتلة النيابية الثلاثية حقيبة خدماتية بارزة، ولم يعط الكتائب ولو حقيبة ثانوية. حتى "المير" طلال أرسلان تمثل في التشكيلة الحكومية وهو الذي يشكل منفرداً كتلته التي هجرها النائبان فادي الأعور وناجي غاريوس، ولم يدخلها حزب الكتائب.

كل ذلك السيناريو كان مفاجئاً بالنسبة الى الكثيرين ما عدا المعني الأول به أي حزب الكتائب وقيادته. وفي هذا السياق، تكشف المصادر الكتائبية أن قيادة الحزب شعرت، ومنذ اللحظة الأولى لتكليف رئيس تيار المستقبل ​سعد الحريري​ تشكيل الحكومة، بأن حزب الله كما رئيس مجلس النواب نبيه بري، يتمسكان بتمثيل حلفائهم كتيار المرده والحزب السوري القومي الإجتماعي والنائب طلال أرسلان، أكثر بكثير مما كان يتمسك الحريري بتمثيل حليفه الكتائبي، والدليل أن بري هو الذي أعطى من حصته حقيبة الأشغال للنائب سليمان فرنجية، وهو الذي تخلى عن المقعد الشيعي السادس للحزب السوري القومي الإجتماعي، بينما لم يتكرّم الحريري على الكتائب بأكثر من وزارة دولة لا تليق أبداً بكتلة الحزب النيابية.

"نعم عتبنا الأول والأخير هو على الحليف، أي على الحريري الذي وقفنا الى جانبه في أحلك الظروف" يقول قيادي كتائبي ويضيف "لا نعتب أبداً على رئيس الجمهورية، لأننا، لم نكن يوماً من ضمن التحالف السياسي الذي يضم التيار الوطني الحر وحلفاءه، فالحريري الذي كان يجب أن يعرض علينا من حصته حقيبة وزارية، لا رئيس الجمهورية ولا التيار الوطني الحر ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري، هذا إذا كان الحريري يتذكر بعد كلمة تحالف "14 آذار" وما يعنيه هذا التحالف من مسيرة نضال وشهداء سقطوا في سبيل مسيرة الإستقلال".

عتب الكتائب على الحريري دون سواه، ستكون له بالتأكيد تداعيات سياسية على صعيد العلاقة التي تجمع بكفيا ببيت الوسط، وستدفع قيادة البيت المركزي الى إعادة النظر بتحالفاتها وتموضعها الأمر الذي قد يدفعها الى مد جسور التواصل مع أفرقاء لطالما كانت على خصومة سياسية معهم في السنوات الماضية. وعن هذا التموضع السياسي الجديد، تفضّل المصادر الكتائبية عدم التعليق راهناً، "فالأمور تحتاج الى قراءة سياسية ومراجعة دقيقة للتطورات، كي يتخذ القرار المناسب الذي يبقي الحزب على ثوابته من دون أن يفقده دوره في اللعبة السياسية".

إذاً الأولوية الكتائبية اليوم هي للمعارضة، ولصرف هذه المعارضة شعبياً في صناديق الإقتراع المنتظرة في العام 2017، معارضة قد تكون موجهة الى حكومة الحريري لا الى العهد الرئاسي وموقع الرئاسة الأولى.