يُجمع المتابعون عن كثب لمواقف تيار "المستقبل" ورئيسه النائب ​سعد الحريري​ من موضوع ​قانون الانتخاب​ على ان التصريحات الصادرة عنه اخيرا وبخاصة تلك التي أطلقها من منبر القصر الجهوري بعيد الاعلان عن تشكيل حكومته، تؤكد بما لا يقبل الشك انّه أعطى التزاما لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كجزء من قيمة فاتورة تسهيل تشكيل الحكومة، بالسير بالنسبيّة وان لم تكن شاملة في الانتخابات النيابية المقبلة ليُصار بعدها لتعميمها واعتمادها نظاما وحيدا في قانون الانتخاب في السنوات القادمة.

لم يكن سهلا على الزعيم الشاب الذي خرج متجهما بعد توقيع المراسيم، ليُعلن أنّه لا يمانع السير بالنسبية. وكأن عدم قدرته على وضع فيتو على أسماء تستفزه كاسمي الوزيرين ​سليم جريصاتي​ ويعقوب الصراف لم تكن كافية لاحباطه في مطلع ولايته الجديدة، ليأتي اضطراره الالتزام بالنسبية ليزيد الطين بلة! فبحسب مصادر في ​قوى 8 آذار​ فان "الاحباط الذي بدا واضحا على وجه الحريري بعيد الاعلان عن تشكيل الحكومة والذي قد لا يفهمه كثيرون، بدا مفهوما تماما بالسنبة لأخصام الحريري، فهو يعي تماما أنّه يرأس حكومة ترسخ انتصار "حزب الله" ومحور الممانعة في المنطقة، وهي لا تشبه بشيء ما كانت عليه حكومته الأولى، أضف الى ان رئيس الجمهورية الذي سيترأس الجلسات الوزارية لا يشبه هو الثاني بشيء الرئيس السابق ميشال سليمان، ما سيحدّ من دوره ودور فريق عمله كثيرا، من دون امتلاك القدرة اللازمة على تغيير قواعد اللعبة الجديدة خاصة بعد قبوله الدخول طرفا رئيسيا فيها وهو على دراية كاملة بما ينتظره".

ولعل خروج الحريري مجددا يوم أمس ليؤكد انه مع النسبية بالانتخابات ولكن وفق القانون المختلط، جاء ليضع حدا لكل من تصور ان ما أعلنه رئيس الحكومة من منبر قصر بعبدا زلة لسان او يندرج فقط باطار المسايرة. الا ان الخطوة التي قام بها الحريري باتجاه أخصامه بموضوع قانون الانتخاب لم يلاقيها هؤلاء بالمثل، فظلوا متشددين متمسكين بالنسبية الكاملة، علما ان موقفهم هذا لا يتعدى كونه جزءا من لعبة شد حبال ورفع سقف المطالب والشروط لتحصيل "المختلط". وتشير مصادر مطلعة على الملف الى ان كل الفرقاء دون استثناء يعون تماما استحالة سير الحريري ورئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب وليد جنبلاط بالنسبية الكاملة، وبأن المخرج الوحيد سيكون القانون المختلط، لافتة الى ان التيار الوطني الحر أعرب أكثر من مرة من فوق وتحت الطاولة عن استعداده السير بهذا القانون على ان يكون مقدمة للسير بالنظام النسبي على مستوى كل لبنان في فترات قادمة. وتضيف المصادر: "تشدد حزب الله في هذا الملف لن يطول كثيرا، خاصة وان الرئيس عون يحرص كثيرا على تقدم الأمور بسرعة على مستوى التفاهم على قانون الانتخاب، لقطع الطريق على اي محاولة لتمديد جديد لمجلس النواب".

وبانتظار انطلاق المباحثات الرسمية بهذا الخصوص كحد أقصى خلال أسبوعين، بعد نيل الحكومة الثقة بناء على البيان الوزاري الذي ستتقدم به، لن يكون مستغربا أن يبلغ التشدد في مجال قانون الانتخاب ذروته على ان تستقر الأمور قريبا جدا على القانون المختلط.