ما هي التغييرات المرتقبة للسياسة الاميركيّة في منطقة الشرق الأوسط وخصوصًا في الجوار اللبناني بعد أن يتسلّم الرئيس المنتخب ​دونالد ترامب​ زمام الحكم في الولايات المتحدة الاميركيّة في العشرين من شهر كانون الثاني من العام المقبل؟!.

يرى مراقبون ودبلوماسيون في العاصمة الاميركيّة واشنطن ان الادارة الجديدة وفريق الانتقال لترامب، لا يزالان يعتقدان ان الاولوية هي للملفّات الاقتصاديّة والتجارة الدوليّة، انطلاقا من خلفيّة الرئيس الاميركي الجديد في القطاع الخاص، ومن هذا المنطلق لن يعترض على صفقة شراء ​إيران​ ثمانين طائرة بوينغ بمبلغ يقارب ستة عشر مليار دولار أميركي، أو على أيّ تبادل تجاري مع واشنطن يعزّز اقتصاد بلاده.

في المقابل لفت هؤلاء ان فريق ترامب لم يحدّد بعد سياسة واضحة تجاه طهران، ولا توجد مؤشرات حول المنحى الذي ستتخذه ادارته في هذا السياق، وانه من المستبعد جدًّا أن يعيد النظر في الاتفاق النووي معها، لكن هذا لا يعني انه لن يلجأ الى طرق أخرى لمضايقة ايران في مجالات أخرى.

من جهة ثانية يؤكد هؤلاء ان التوجه الاميركي في ظل الادارة الاميركيّة الجديدة هو التعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتنسيق شبه الكامل في مجال السياسة الخارجية، على أساس العلاقة الشخصيّة المميزة بين الرئيسين الاميركي والروسي.

وقال هؤلاء ان ترامب مقتنع بأن الروس والايرانيين والسوريين يقاتلون الإرهابيين وداعش في المنطقة، وبات معروفًا أنه سيكون هناك تنسيق بين الاثنين في سوريا، لأن عنوان سياسة الرئيس الأميركي الجديد هو محاربة هذه المنظّمة الارهابيّة وهذا الأمر راسخ لديه، كما يؤكد على ذلك معظم فريقه في الحكم ولن يتبدل حتى بعد وصوله الى البيت الأبيض.

في المقابل، يرى هؤلاء ان الرئيس الاميركي المنتخب سيواجه تخبّطا وإحراجًا في طريقة التنسيق مع الروس في المنطقة المتعاونين مع إيران، وكيفية الإلتزام بتعهداته الانتخابيّة للتصدّي لها واتهامه للرئيس باراك اوباما بأنه كان متساهلا معها، على الرغم من التأكيدات بأنه لن يكون هناك عقبات أمام أيّ حلّ سياسي يتم التفاهم حوله حيال الازمة السورية، حتى مع بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في سدّة الحكم حتى انتهاء ولايته الحالية، وان المعارك الدائرة في سوريا اليوم هي التي ستعزّز مثل هذا الاحتمال.

لكن بعض الخبراء الروس في السياسة الأميركيّة والمتابعين لسياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتقدون ان العلاقة بين الأخير وترامب لن تدوم طويلا، لأن الرئيس الروسي يرغب في التعامل مع شريك مستقرّ في مواقفه، وان الرئيس الأميركي الجديد رجل متقلب ولا خبرة لديه، وان معظم الشخصيات التي اختارها في فريق عمله خلفياتها تجاريّة ويتمّ اتّهامها بأنّها غير مُلِمّة في الشؤون الخارجيّة، إضافة الى ان المؤسسة الأمنيّة أكدت وجود علاقة لبوتين في دعم حملة ترامب الانتخابيّة، مع ما يمكن ان يستدعي ذلك من إجراءات تلحظها القوانين الاميركيّة لعزله.

واستنتج المراقبون والدبلوماسيون انه اذا ما قررت الادارة الجديدة (كما يتوقّع المحلّلون) ترك ساحة منطقة الشرق الأوسط لروسيا، فإنّ ذلك سيكون على حساب لجم الهيمنة الإيرانيّة، والحدّ من انتشار نفوذها على مناطق استراتيجية عدّة، دون ان يؤدّي هذا التضييق الى صراع معها، وان دولا عربية وخليجية يمكن ان تتأثر سلبًا اذا ما ثبتت هذه التوقعات في العلاقات الروسية ابتداء من الثاني عشر من شهر كانون الثاني المقبل.