منذ عودة رئيس الجمهورية ميشال عون الى لبنان في العام 2005، برزت مطالبة التيار الوطني الحر بقانون انتخابي عادل يؤمن صحة التمثيل ويتيح للمسيحيين الإتيان بنوابهم الى البرلمان، ولكن المطالبات آنذاك لم تلق اذانا صاغية بسبب التحالفات السياسية التي وقفت سدا منيعا في مواجهة فكرة تغيير ال​قانون الانتخاب​ي. اليوم اختلف الحال وعون اصبح في قصر بعبدا وبالتالي لا بد من تسوية الوضع اذا ما أراد لعهده ان يكون مختلفا.

قانون "تسوية"

بعد مفاجأة الحكومة بتشكيلتها وزمن تأليفها أخرج مؤخّرًا وزير الخارجية ​جبران باسيل​ "أرنب" القانون الإنتخابي الذي يصر عبره على أن يجتاز قطوع الإنتخابات "بالانتصار" نفسه الذي حققه "التيار الوطني الحر" في ملف الحكومة، بحسب ما تؤكد مصادر عبر "النشرة"، لافتةً الى أن "الوزير باسيل وبتقديمه هذا الإقتراح القانون رمى الكرة في ملعب كافة القوى السياسية، فباسيل الذي يفضّل النسبية مع الدائرة الواحدة سار في القانون المختلط الذي تقدم به كقانون "تسوية" يصحح التمثيل". وهنا يشرح الخبير القانوني عادل يمّين أنه "إذا أردنا أن نتحدّث عن قانون يؤمن كل الأبعاد الدستورية، سواء المناصفة أو المساواة بالقيمة الإقتراعية للصوت الواحد للناخبين، أو حتى في تحمل الأعباء بين المرشحين، فإن النسبية مع لبنان دائرة واحدة هو الأفضل، وإذا أردنا قانونا يؤمن المناصفة الفعلية فالأفضل هو القانون الأرثوذكسي"، ومضيفاً: "من باب السعي الى الوصول الى حلّ في شأن قانون الإنتخاب وإذا استحال تحقيق النسبية وكان لا بد من الخروج منها ومن الصوت الاكثري للبحث في المختلط فإن ما تقدم به الوزير باسيل كنظام مختلف هو الأفضل لأنه يقرّبنا من المناصفة لأن من شأنه أن يسمح بفوز 58 نائباً بالقوّة الذاتية للمسيحيين وهو يعتمد المعايير العلمية ويصحح عدالة التمثيل بمقدار كبير".

استنسابية في القوانين

في أدراج المجلس النيابي مشروعي قانون على أساس المختلط، الأول مقدّم من "القوات اللبنانية"، الحزب "الاشتراكي" وتيار "المستقبل" والثاني من رئيس مجلس النواب نبيه بري. وهنا يعتبر مدير مركز بيروت للأبحاث والمعلومات عبدو سعد أن "مشروع القوات-الاشتراكي-المستقبل يتم فيه إنتخاب 68 مقعداً على الأساس الأكثري و60 مقعداً على الأساس النسبي وفيه إستنسابية عالية المعايير وهو مفصّل على أساس مصالح إنتخابية معيّنة"، لافتاً الى أن "في هذا الاقتراح يتم في كلّ قضاء إنتخاب بعض المقاعد على أساس نسبي والبعض الآخر على أساس أكثري دون إعتماد وحدة معايير، مثلاً في صيدا وبشري والبترون إعتمدوا نظام الاقتراع على أساس أكثري ما يعني أن في صيدا لا أحد يستطيع أن ينافس "المستقبل" وفي بشري تقوز "القوات" والبترون "14 آذار"، أما إذا قسمت هذه المناطق ما بين أكثري ونسبي بحسب معايير معينة فإن "المستقبل" سيخسر في صيدا مقعداً لصالح أسامة سعد وكذلك في البترون وبشري". ويضيف: "مشروع القوات-الاشتراكي- المستقبل فصل قضاءي مرجعيون (مقعدين للشيعة- مقعد للمسيحيين، وحاصبيا (مقعد درزي وآخر سني) رغم أنهما دائرة واحدة ليتم تحرير المقعد الدرزي والسني من هيمنة الطائفة الشيعية التي ستخسر مقعدين لها فيما قضاءي البقاع الغربي وراشيا لم يتم فصلهما لأن هذا الأمر ليس في مصلحتهم وستنقلب عليهم بخسارة المقاعد".

لتصحيح التمثيل

مشروع القانون المختلط الثاني المقدّم من قبل بري يتم عبره إنتخاب 64 مقعداً على أساس أكثري و64 مقعدا على أساس نسبي أيضا. وفي هذا السياق يرى عبدو سعد أن "هذا القانون هو أفضل من المقدّم من "القوات-الاشتراكي-المستقبل" لكونه لا يعتمد الاستنسابية العالية الموجودة في قانون "القوات" ولكنه يوزع المقاعد في كل الأقضية ما بين الاكثري والنسبي ولكن المشكلة الأساسية فيه أنه لا يعتمد وحدة معايير بعكس المشروع المقدم من باسيل". هنا يلفت سعد الى أن "مشروع باسيل يعتمد وحدة معايير في التقسيمات، فمن ينتخب على أساس النظام الأكثري هي الطوائف التي فيها أكثريات موصوفة فيما الاقليات تنتخب على أساس النسبي وبالتالي فإن كلّ مقاعد الأقليات في لبنان تحال على النسبية والاكثريات على النظام الاكثري"، شارحاً أن "الطائفة السنية مثلا هي من الأكثريات في عكار وصيدا وطرابلس والضنية، وهنا يعتمد النظام الاكثري فيما الموارنة بعكار (مقعدين) وطرابلس (مقعد) يعتبرون من الأقليات، وبالتالي يعتمد النظام النسبي لكونهم أقليات، وفي عكار هناك أغلبية عالية للسنة ومقاعد هؤلاء تحال على الانتخاب بحسب النظام الاكثري"، ويضيف: "السنّة في حاصبيا أقليات كذلك في بعلبك، حاصبيا والبقاع الغربي، فتحال مقاعدهم على النسبية كذلك هي حال الطائفة الشيعية في جبيل والبقاع الغربي وزحلة الذين يعتبرون أقليات وبالتالي فإن مقاعدهم تحال على النسبية".

يرى عبدو سعد أن "قانون "باسيل" يؤمن حدًّا أدنى من صحّة التمثيل"، معتبراً أنه " يستحيل أن يمرّ مشروع قانون مختلط إلا الذي تقدم به باسيل لكون القانون الذي تقدم به بري لا يعتمد وحدة معايير وإلا سنذهب لإجراء الإنتخابات على أساس قانون الستين".

في المحصلة هل ينجح باسيل في إقناع القوى السياسية كافة بهذا القانون فيكون هو الحل الذي يقضي على "طيف" قانون الستين؟!