ليس خافيا على أحد أن هواجس رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" النائب ​وليد جنبلاط​ تتركز وبشكل اساسي حاليا حول موضوع قانون الانتخاب، وان كانت الهواجس الأمنية لا تفارقه ما يجعله يحد كثيرا من تحركاته. ولعل سلسلة التغريدات الأخيرة التي تناول فيها "النسبية" معبرة بشكل صريح وواضح عن رفضه اياها، كانت أولى المؤشرات لانطلاق النقاش الجدي على الصعيد الوطني، بخصوص قانون الانتخاب الذي لم يتأخر رئيس الحكومة سعد الحريري باعلانه أولوية أولويات مجلس الوزراء بعد أن ضمّن ذلك البيان الوزاري.

وكعادتها، تلقفت رادارات زعيم المختارة باكرا معالم المرحلة المقبلة، فوجد نفسه مضطرا للانقضاض سريعا على النظام النسبي الذي قال لزواره أنّه يهدد وجود الدروز وموقعهم وبالتالي لن يتأخر باعلان حالة الطوارىء لمواجهته. وباعتبار ان الثنائي الشيعي حزب الله ورئيس المجلس النيابي نبيه بري أكثر المتمسكين حاليا بهذا النظام ومعهم "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، استبق الحزب اي سجال اعلامي يؤسس لخلافات كبرى تعقد الملف، بزيارة كليمنصو لطمأنة البيك وتسويق طرح جديد، ارتفعت أسهمه في الساعات الماضية. وبحسب المعلومات فان حزب الله عرض على جنبلاط خلال اللقاء الأخير الذي جمعهما اقتراحا جديدا لقانون الانتخاب يقضي باجراء الانتخابات النيابية المقبلة على مرحلتين، أو دورتين. دورة أولى او مرحلة التأهيل، تتم على صعيد كل قضاء وفقا للتقسيم الاداري القائم حاليا وعلى أساس النظام الأكثري، على ان يتم اختيار 3 مرشحين عن كل مقعد، يليها دورة ثانية تعتمد المحافظات كدائرة انتخابية والنظامين النسبي والأكثري (المختلط) 64/ 64. ولم يتلقف جنبلاط بايجابية هذا الطرح، الا أنّه تعاطى معه كبديل أفضل من النسبية الكاملة التي ينادي بها الحزب وحلفاؤه. وأشارت مصادر مطلعة على النقاشات الحاصلة الى ان حزب الله حاول اقناع زعيم المختارة بادخال التعديلات والتحسينات التي يريدها على الاقتراح للسير به. لكن الاشكالية لا تقتصر على كليمنصو بل تتعداها الى بيت الوسط، بحيث لم يصدر أي اشارات ايجابية عن زعيم تيار "المستقبل" بخصوص هذا الاقتراح، في ظل تمسكه بمشروع القانون المشترك الذي يعتمد على 60/68 .

وبغض النظر عن نسبة النسبية التي ستعتمد في اي قانون انتخابي سيتم الاتفاق عليه، الا أن مبدأ تعديل النظام الانتخابي الحالي الذي يعتمد الأكثرية بات أمرا واقعا، كما تؤكد المصادر لافتة الى ان ذلك يعني تلقائيا ان تأجيل الانتخابات بات أمرا محسوما، وبالتالي التمديد التقني للمجلس النيابي الحالي لمدة 4 أشهر، بحسب ما نُقل عن وزير الداخلية نهاد المشنوق، أمرا لا بد منه لتحضير الارضية المناسبة وتهيئة طاقم الوزارة والأجهزة المعنية للتعديلات الكبيرة التي ستطرأ على العملية الانتخابية.

ويبدو أن أشد المعارضين للتأجيل وحتى ولو كان تقنيا، وهو فريق "التيار الوطني الحر" ورئيس الجمهورية، رضخ حاليا لاستحالة اجراء الانتخابات في شهر ايار أو حزيران المقبل، وهو ما سيبدأ كل الفرقاء بالتمهيد له في الأسابيع القليلة المقبلة لاقناع الجماهير المتحمسة للاستحقاق الانتخابي المؤجل منذ العام 2013 أن زمن العودة الى الصناديق لم يحن بعد!