بالأمس أخذ رئيس حزب الكتائب مجده في إنتقاد البيان الوزراي على إعتبار أن حزبه هو المعارض الوحيد للحكومة داخل مجلس النواب. قبلها بأيام قليلة، رفض وزارة الدولة التي عرضت عليه للدخول في حكومة سعد الحريري، وقبلها أيضاً رفض إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في جلسة تشرين الأول الفائت. صحيح أن كل ذلك حصل منذ بداية العهد الرئاسي الجديد وحتى اليوم، لكن موجة المعارضة هذه التي قرر حزب الكتائب ركوبها، تعود الى ما قبل جلسة إنتخاب الرئيس عون، وتحديداً الى الأشهر الأخيرة لحكومة تمام سلام وزمن الفراغ الرئاسي. وفي هذا السياق تكشف مصادر مطلعة أن إستقالة الكتائب من الحكومة السابقة، وعلى رغم معرفة النائب الجميل مسبقاً أنها ستكون مكلفة على حزبه، إذ لم يلتزم الإستقالة إلا وزيرا كتائبيا واحدا من ثلاثة، شكلت بداية إنتقال الحزب الى المعارضة. بعدها جاء الإعتصام الكتائبي أمام مطمر برج حمود، وعلى رغم كلفته السياسية والشعبية التي فاقت الإستقالة من الحكومة، إذ أنه أعاد النفايات الى الشوارع ما جعل المواطنين يحمّلون قيادة البيت المركزي هذه المسؤولية، لم يفك الجميل خيمته من أمام مدخل المطمر، إلا في اللحظة التي لم يعد فيها قادراً على تحمل ضغط المواطنين في كسروان والمتن. ما يجزم بما لا يقبل الشك أنّ الكتائب قرّرت أن تكون في المعارضة ومسايرة مشاعر المواطنين، هو ما ترويه صحافية كانت في يوم من الأيام (بعد إستقالة الكتائب من الحكومة) تقوم بتغطية تحرّك لجمعية تعنى بشؤون المرأة في شوارع العاصمة بيروت. الصحافية تنقل عن ممثلة الجمعية إستغرابها، كيف تقدّمت منها إحدى السيدات المشاركات في الإعتصام وعرّفتها عن نفسها بأنها محامية مسؤولة عن ملف شؤون المرأة في حزب الكتائب، وهنا سألت مسؤولة الجمعية الصحافية صديقتها "منذ متى يشارك حزب الكتائب في مثل هذه التحركات؟ وما هي المناسبة التي دفعت بالقيادة الى إرسال من يمثلها"؟.

إذاً نهج المعارضة الذي يعتمده الكتائب سابق للعهد الرئاسي والحكومة وبيانها الوزاري، غير أن هامش هذه المعارضة محدود ولا يمكن أن تستمر ليوم واحد بعد الإعلان عن موعد الإنتخابات النيابية. "نعم بعد الإعلان عن موعد الإنتخابات وقانونها المنتظر ستكون الكتائب أول من سيركب موجة التحالفات مع القوى التي تعارض حكومتها اليوم وتنتقد بيانها الوزاري وتتهمها بإبرام الصفقات والتسويات، وإلا ستودي بنفسها الى الإنتحار السياسي "يقول كتائبي من الرعيل القديم، ويضيف "لأنها غير قادرة ومهما كان شكل القانون الإنتخابي أن تخرج بمفردها بكتلة نيابية تؤمن لها وجودها الوازن في الندوة البرلمانية، ومن بعدها مشاركتها في حكومة العهد الأولى التي ستشكل بعد الإنتخابات النيابية، إذا لم تتحالف مع الأحزاب الأساسية التي تمثل في الشارع المسيحي، خصوصاً إذا كان تيار المستقبل الذي تتّكل الكتائب على دعمه وتحالفه معها، متحالفاً مع الثنائية المسيحية العونية-القواتية وهذا أمر متوقع تضعه الكتائب في حساباتها الإنتخابية. وبعد إكتمال مشهد هذا السيناريو، أين ستكون الكتائب من البيان الوزاري لحكومة ما بعد الإنتخابات إذا كانت ممثلة فيها؟ وما سيكون مصير معارضتها؟