في كل مرة تعقد جلسة علنية لمجلس النواب، يعمد الكثير من المواطنين إلى إعادة نشر فيديوهات لكل من النائبين السابقين زاهر الخطيب و​نجاح واكيم​ على مواقع التواصل الإجتماعي، مستعيدين المواقف "القاسية" التي كانا يطلقانها في إطار دورهما في محاسبة الحكومة والرقابة على أعمالها.

اليوم، يفتقد المجلس النيابي إلى واكيم والخطيب، ومعظم المدخلات التي يقوم بها ممثلو الأمة تكون خارجة عن الموضوع الأساسي، فتتحول إلى خطابات شعبوية الغرض منها إنتخابي فقط لا غير، خصوصاً أن أغلبهم ينتمي إلى كتل نيابية مشاركة في الحكومة.

إنهيار النظام

في هذا السياق، يوضح رئيس "رابطة الشغيلة" زاهر الخطيب، في حديث لـ"النشرة"، أنه في جلسات مناقشة البيان الوزاري من المفترض بالنائب أن يتحول إلى طبيب، يقوم بتشخيص مواقع الخلل في برنامج عمل الحكومة الجديدة ومن ثم يطرح الدواء، ويضيف: "رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ تحدّث عن بعض الأزمات لكن لم يسأل أحد عن طرق المعالجة".

من جانبه، يؤكد الرئيس السابق لحركة "الشعب" نجاح واكيم، في حديث لـ"النشرة"، أنه لم يكن الوحيد إلى جانب الخطيب، لكنه يلفت إلى أن الواقع الحالي يعبر عن مدى إنهيار النظام السياسي في لبنان، ويعتبر أنه لم يعد هناك من سياسة بل سيطرة لتحالف المليشيات ورأس المال، وبالتالي هناك سقوط وتراجع على كافة المستويات.

وفي حين يعود الخطيب بالذاكرة إلى "شنطة المطهّر"، أي الحقيبة التي كان يحمل بها الملفات وأطلق عليها رئيس المجلس النيابي هذا الوصف، يلفت إلى أنه كان يقوم بدراسة مختلف نقاط البيان الوزاري حتى ولو كان الوقت الممنوح له قصيراً، ويضيف: "بعض النواب كانوا يضحكون على ما أقوم به لكن في جميع الدول المتحضرة هذا واجب النائب"، ويؤكد أن المواطنين كانوا ينتظرون كلمته لأنهم متشوقين للمعرفة وليس للثرثرة فقط.

بالمقابل يرى واكيم أن مستوى الإدارة والسياسة في لبنان "بهدلة"، ويؤكد أن كل مجلس نيابي سابق يكون أفضل من الذي يأتي بعده من الخمسينيات حتى اليوم، معتبرا أن السبب في ذلك يعود إلى النظام الطائفي، ويوضح أن الجلسات الأخيرة، التي لم يتابعها بشكل كامل، كانت "مملّة" ودون المستوى.

لا ثقة

في ظل هذا الواقع، من الطبيعي السؤال عن موقف النائبين السابقين فيما لو كانا حاضرين في جلسات الثقة الأخيرة، وعما إذا كان هناك من يجدان فيه المواصفات نفسها في ممثلي الأمة الحاليين.

على هذا الصعيد، يؤكد الخطيب أن ليس هناك في المجلس الحالي من يشبه الحالة التي كان يمثلها مع واكيم، خصوصاً أن أغلب الأعضاء هم ضمن كتل ممثلة في الحكومة، ويسأل: "ما هو برنامج محاربة الفساد وما هي برامج الإصلاح والتغيير في هذه الحكومة؟"

وفي وقت يشدد فيه الخطيب على أهمية وضع قانون إنتخابي يؤمن صحة التمثيل على أساس إعتماد النظام النسبي، يعلن أنه لو كان نائباً في البرلمان الحالي كان سيحجب الثقة عن الحكومة الجديدة، ويضيف: "لم أعط الثقة لأي حكومة باستثناء واحدة وحينها كانت مشروطة أيضاً".

بالنسبة إلى الحديث عن سيطرة الخوف على أعضاء الحكومة لدى وصول الدور بالكلام لواكيم في السابق، يقول: "لم يكن لدي ما يثير الرعب، لكن كنت أقول لهم أنهم "حراميّة" لأنهم كذلك، ولهذا السبب كانوا يخافون"، ويعتبر أن الواقع الحالي تم التأسيس له منذ ذلك الوقت.

وحول أسباب عدم العودة إلى المجلس النيابي، بالرغم من إستمرار الحضور في ذاكرة المواطنين، يلفت واكيم إلى أن الشعب يؤمن بأن نتيجة الإنتخابات تحسم مسبقاً من خلال القانون، ويضيف: "لذلك تكون نسبة الإقتراع ضعيفة لأن الناس مقتنعة بأن ما يحصل ليس إنتخابا".

ورداً على سؤال حول موقفه فيما لو كان نائباً في المجلس الحالي من موضوع منح الثقة، يقول: "لو كنت نائباً كنت سأقرف من الوصول إلى البرلمان".

في المحصلة، نقطة البداية في كل مسألة هي قانون الإنتخاب الذي يؤمّن صحة وعدالة التمثيل، ولكن هل يأتي هذا القانون على أنقاض الستين، الذي تعلن أغلب القوى السياسية رفضها له، بشكل يخرج المجلس النيابي من دائرة 5 أو6 أشخاص فقط؟